عما فى الذهن ، وعما يدل عليه الكلام ، فمطابقة تلك النسبة المفهومة من الكلام للنسبة التى فى الخارج بأن تكونا ثبوتيتين أو سلبيتين ـ صدق ، ...
______________________________________________________
فى الذهن ، بل نظر إليه كما فى القضايا الذهنية التى لا ثبوت لها خارجا ، بل ولو قطع النظر عما فى الذهن كما فى القضايا الخارجية نحو : زيد قائم ، وعلى كل حال ليس قوله : أى مع قطع النظر إلخ ، قيد الوجود الخارجية ، وعلى هذا التقرير فقوله : بعد ذلك :
وعما يدل عليه الكلام عطف تفسير أى : أن المراد بما فى الذهن هو ما يدل عليه الكلام (قوله : عما فى الذهن) أى : النسبة الذهنية ، وقوله وعما يدل عليه الكلام أى : النسبة الكلامية وهما متحدان ذاتا مختلفان اعتبارا ؛ لأنه إن اعتبر تقررها فى الذهن قبل النطق بها فهى ذهنية ، وإن اعتبر فهمها من الكلام بعد النطق به فكلامية (قوله : فمطابقة إلخ) فيه إشارة إلى أن المراد بالحكم فى قوله : مطابقة حكمه النسبة الكلامية وبالواقع فى قول المتن للواقع النسبة الخارجية ، وقد علم من هذا أن المنظور له فى الصدق والكذب ـ على هذا القول ـ النسبة الكلامية والخارجية فقط ، بخلاف قول : النظام الآتي. فإنه ينظر للكلامية والذهنية وبخلاف الجاحظ ، فإنه ينظر فيهما للنسب الثلاث كما يأتى بيانه.
(قوله : بأن تكون) أى : مصورة بأن تكون ثبوتيتين كما في : زيد قائم ، وقد حصل القيام له فى الواقع ، وقوله : أو سلبيتين كما فى قولك : زيد ليس بقائم ، وكان لم يحصل له قيام فى الواقع ، ثم إن هذا الكلام أعنى قوله : بأن تكونا إلخ ، يشير إلى تفسير المطابقة وعدمها ، فالمطابقة هى الموافقة فى الكيف وعدمها المخالفة فى الكيف وأنه ليس المراد بها الموافقة من سائر الوجوه ، وهذا بناء على أن المراد بالنسبة المفهومة من الكلام الإيقاع والانتزاع والتى فى الخارج الوقوع وعدم الوقوع كما هو مذهب العلامة السيد ، وأما إذا قلنا : المراد بنسبة الكلام المفهومة منه الوقوع وعدمه ، كما أن الخارجية كذلك كما هو مختار الشارح فالمطابقة هى الموافقة بينهما من حيث ذاتهما من سائر الوجوه ويكتفى فى التغاير بين المطابق بالكسر والمطابق بالفتح اختلافهما بالاعتبار ، فارتباط أحد الشيئين بالآخر من حيث فهمه من الكلام ودلالة الكلام عليه غير نفسه من حيث حصوله فى الخارج بقطع النظر عن فهمه من الكلام ، فلا يقال إن فى مطابقة إحدى النسبتين للأخرى مطابقة الشىء لنفسه.