علم المعانى ، وما يحترز به عن التعقيد المعنوى علم البيان) وسموا هذين العلمين علم البلاغة لمكان مزيد اختصاص لهما بالبلاغة ، ...
______________________________________________________
بل عن الخطأ ، والجواب : أن فى كلام المصنف حذف مضاف أى : عن متعلق الأول ، فقول الشارح أى عن الخطأ : تفسير لذلك المقدر.
(قوله : علم المعاني) إن أريد به القواعد ، فالأمر ظاهر ، وإن أريد به الملكة أو الإدراك احتيج إلى تقدير مضاف أى : فوضعوا متعلق علم المعاني ، وكذا يقال فيما بعده (قوله : لمكان) مصدر من الكينونة وهى التحقق ، والوجود والمزيد مصدر بمعنى الزيادة ، والمراد بالاختصاص : التعلق ، أى : لوجود زيادة تعلق لهما بالبلاغة ، وإنما فسرنا هنا الاختصاص بالتعلق ؛ لأن الاختصاص شىء واحد لا يزيد ولا ينقص بخلاف التعلق ، وأورد على هذا التعليل أن مرجع البلاغة كما مر شيئان : الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد ، وتمييز الفصيح من غيره ، والشىء الأول : إنما يكون بعلم المعانى ولا يشاركه فيه غيره من العلوم ، فلا يظهر بالنسبة إليه التعبير بمزيد ، والشىء الثاني : كما يتوقف على علم البيان يتوقف على اللغة والصرف والنحو ، فلا زيادة له عن غيره ، وأجيب عن الأول : بأن المراد بقوله : مزيد اختصاص لهما أى : لمجموعهما لا لكل منهما ، وعن الثاني : بأن علم البيان المقصود منه بالذات التمييز المذكور بخلاف النحو مثلا ، فإنه ليس المقصود منه بالذات ذلك التمييز ، بل ذلك حاصل منه تبعا ، والمقصود بالذات منه معرفة حال اللفظ إعرابا وبناء ، وحاصل ما ذكره الشارح أن البلاغة مرجعها لأمرين : الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد ، والاحتراز عن الأسباب المخلة بالفصاحة ، والأول : موقوف على علم المعاني ، والثاني : موقوف على اللغة والصرف والنحو والبيان ، وحينئذ فالبلاغة متعلق بها علوم خمسة ، وهذا بيان لكون التعلق مشتركا إلا أن تعلق مجموع علم المعانى والبيان بها أزيد من تعلق غيرهما ؛ وذلك لأن علم المعانى يعرف ما به يطابق الكلام مقتضى الحال ، والبلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، وأما فى البيان : فإنه وإن كان مفاده وثمرته معرفة ما يزول به التعقيد المعنوى ، وهو مما يتوقف عليه البلاغة كتوقفها على مفاد النحو والصرف واللغة ، فإنه يزول بالأول : ضعف التأليف ،