.................................................................................................
______________________________________________________
النوع الذى هو الأعلى لها ؛ لأن المراد منه طبيعة الإعجاز ، وهى تتناول جميع مراتبه ، فيكون قد عبر عن النوع ببعض أفراده مثلا ، إذا فرضنا أن الإعجاز مرتبة تحتها أفراد سبعة ، فالمبتدأ : هو الأول ، والنهاية : هو الآخر ، والوسط : الخمسة الباقية ، والقريب من النهاية : الذى هو بعض أفراد الوسط لا يتناول جميعها ، وإنما يتناول بعضها : كالخامس والسادس ، فقوله أعلى : هذا إشارة للنوع الذى هو طبيعة الإعجاز ، وقوله حد الإعجاز : إشارة للفرد الأعلى ، وقوله وما يقرب منه : إشارة للفرد الخامس والسادس فقط ، فيكون قد عبر عن النوع ببعض أفراده لا بجميعها وهذا لا يصح ، ورد هذا العلامة اليعقوبى (١) بقوله : لك أن تقول إن نوع الأعلى يشمل نوعين : حد الإعجاز ، وما يقرب منه ، وحينئذ فيكون تعبيرا عن النوع بجميع أفراده ، فالإخبار صحيح كما يقال الإنسان زنجى وغيره ، وما قاله ذلك العلامة مبنى على أن المراد بالحد فى كلام المصنف المرتبة ، وأن الإضافة بيانية أى : مرتبة هى الإعجاز كما مر ، فعلى هذا ما يقرب منه ليس معجزا ، فيجعل الإعجاز بسائر مراتبه مع ما يقرب منه نفس ذلك النوع ، وأما ما قلناه من لزوم التعبير عن الجنس ببعض أفراده ، فمبنى على أن الإضافة حقيقة ، وأن المراد بحد الإعجاز نهايته. أى : المرتبة العليا من مراتبه ، لا المرتبة المتسعة الشاملة لعدة مراتب.
الأمر الثالث : أن التعبير بالأفراد عن النوع لا يصح هنا ، ولو سلمنا أن هنا تعبيرا عن الجنس بجميع أفراده ، لأن الطرفية من الأحكام الخاصة بالطبيعة التى هى الماهية ؛ لأن الطرفية إنما تثبت لطبيعة الإعجاز من حيث هى ؛ لأن الوحدة لازمة للطرف ، وهى إنما تثبت لطبيعته من حيث هى ، إذ عند ملاحظة الأفراد يثبت التعدد لا الطرفية ، نظير ذلك النوعية الخاصة بماهية الإنسان ، فكما أنه لا يصح أن يقال : النوع
__________________
(١) هو سليم بن حسن اليعقوبي ؛ أبو الإقبال شاعر ، كثير النظم له علم بالفقه والأدب من مصنفاته" حسنات اليراع" و" المنهج الرفيع فى المعانى والبيان والبديع" و" حسان بن ثابت : وغير ذلك توفى سنة ١٣٥٩ ه.