فى تعريف واحد ، وهذا كما قسم ابن الحاجب المستثنى إلى متصل ومنقطع ، ثم عرف كلا منهما على حدة (فالفصاحة ...
______________________________________________________
يعمها صالح لتعريف الإنسان بحيث يتميز عن الفرس والحمار وغيرهما من الأنواع.
عرف أولا بأنه حيوان ناطق ، ثم قسم بعد ذلك لتلك الأصناف ، والحاصل أنه لما تعذر هنا اشتراك أقسام الفصاحة فى أمر يعمها صالح لتعريف الفصاحة بحيث يميزها عما عداها ، وكذلك البلاغة قسم كلا منهما ، ثم عرف تلك الأقسام وأما الاشتراك فى الأمر العام مطلقا فحاصل إذ لا شك فى وجود المفهومات العامة الكلية كشيء وموجود ومستحسن وأقسام الفصاحة ، وكذلك قسما البلاغة مشتركة فى هذه المفهومات ، ولكن لا يصلح شيء منها لتعريف كل من الفصاحة والبلاغة لعدم حصول التميز المذكور ، وبهذا اندفع ما يقال على الشارح منطوقا ، لا نسلم عدم اشتراكها فى أمر يعمها ، إذ لا شك فى وجود المفهومات العامة الكلية التى تشترك فيها وتعمها كشىء وموجود ومستحسن ، وما يقال عليه من حيث المفهوم.
إن كلامه يفيد أن مطلق الاشتراك فى الأمر العام يكفى فى جميع الأمور المتغايرة فى تعريف ، وليس كذلك. (قوله : فى تعريف واحد) أى : يبين حقيقة كل تفصيلا ، وإلا فلا تعذر كأن تعرف الإنسان والفرس بالجسم النامى الحساس المتحرك بالإرادة أو بالحيوان ، فإنه مميز لها فى الجملة ، ولكن لا يبين حقيقة كل واحد تفصيلا (قوله : وهذا) أى : الصنيع من التقسيم أولا ، ثم التعريف ثانيا ، كما قسم أى : كتقسيم ابن الحاجب إلخ ؛ فإن تقسيمه قبل التعريف لعدم الاشتراك المذكور ، وأورد على ذلك أن القسمين اشتركا فى أمر يعمها صالح لتعريف المستثنى وهو المذكور بعد إلا وأخواتها ؛ وفيه نظره. بأن هذا لا يصلح تعريفا للمستثنى ؛ لأنه يدخل فيه ما بعد إلا الواقعة صفة نحو : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١) مع أنه ليس مستثنى. (قوله : فالفصاحة) أى : إذا أردت بيان كل من أقسام الفصاحة والبلاغة ، فأقول لك : الفصاحة إلخ : فالفاء فاء الفصيحة ، ويقال لها فاء الفضيحة بالصاد والضاد ، والإضافة فى ذلك من
__________________
(١) الأنبياء : ٢٢.