[الخلاف في تفسير الفصاحة والبلاغة] :
(الفصاحة) وهى فى الأصل تنبئ عن الظهور والإبانة (يوصف بها المفرد) مثل كلمة فصيحة (والكلام مثل كلام فصيح وقصيدة فصيحة) ...
______________________________________________________
فقد جعل ما سوى ذهاب الرغوة واللبأ معانى مجازية ، ولا شك أن تلك المعانى كلها تؤول للظهور بالاستلزام ـ لا أنها هو ـ فلذلك عبر بتنبئ أى : تدل ولم يقل معناها الظهور ؛ لأنه لم يوجد لها معنى هو الظهور كما يفيده كلام المصباح. فقوله : تنبئ يشير إلى أن معناها ليس هو الظهور ، بل شيء ينبئ عنه ويدل عليه ، ومن هذا علم أن مراد الشارح بالأصل اللغة ، سواء كان المعنى حقيقيّا أو مجازيّا لا الحقيقى فقط ، وعلى هذا فالمراد بكون اللغة أصلا باعتبار المعنى الاصطلاحى لا باعتبار أنه حقيقة وعلم أن المراد بالإنباء الدلالة الالتزامية لا المطابقية ؛ لأن لفظ الفصاحة لم يوضع للظهور ، حتى تكون دلالته عليه مطابقية ، ولا التضمينية ؛ لأن لفظ فصاحة لم يوجد فى كتب اللغة أنه موضوع للظهور وغيره حتى تكون دلالته عليه تضمينية ، ثم إن الفصاحة نقلت عرفا إلى وصف فى الكلمة والكلام والمتكلم ، ولا يخلو ذلك الوصف من ملابسة وضوح وظهور ، وإنما لم يقتصر الشارح على المعنى الاصطلاحى الآتى للإشارة إلى أن بين المعنى اللغوى والاصطلاحى مناسبة ، والمناسبة تحصل ولو بحسب المآل. (قوله : والإبانة) عطف مرادف إن جعلت الإبانة مصدر أبان بمعنى بان. أى : ظهر ، وحينئذ فالإبانة بمعنى البيان وعطف لازم إن جعلت مصدر أبان بمعنى : أظهر وحينئذ فتكون الإبانة بمعنى الإظهار (قوله : مثل كلمة فصيحة) أى : مخبرا بذلك عن جزء معين من جزئيات المفرد كقائم. فيقال : هذه كلمة فصيحة ، ويصح أن يراد بالكلمة لفظ كلمة إذ هو يوصف بالفصاحة ، وكذا يقال فى قوله : كلام فصيح وربما يقال : إن قوله بعد والمتكلم ، يقال : كاتب فصيح وشاعر فصيح دون أن يقول : مثل متكلم فصيح ، مع أن قياس سابقيه يعين الأول ، وأشار بالمثالين فى قوله : مثل كلام إلخ. إلى أنه لا فرق فى الوصف بالفصاحة بين المنظوم وغيره. والقصيدة مأخوذة من اقتصدت الكلام بمعنى اقتطعته. قيل : لا تسمى الأبيات قصيدة حتى تكون عشرة فما فوقها ، وقيل حتى تجاوز