بمعنى : تقدم ، يقال مقدمة العلم لما يتوقف عليه الشروع فى مسائله ، ...
______________________________________________________
(قوله : بمعنى تقدم) أى : فهى من قدم اللازم ؛ لأن تقدم لازم ، وأما قولهم : زيد تقدمه عمرو فهو من الحذف والإيصال أى : تقدم عليه وهذا أى أخذها من قدم بمعنى تقدم بناء على قراءتها بالكسر ، وأما على قراءتها بالفتح فيتعين أنها من قدم المتعدى ؛ لأن اسم المفعول إنما يؤخذ من المتعدى ، فإن قلت على قراءتها بالكسر : لم لم تجعل مأخوذ من قدم المتعدى؟ قلنا : لأن المباحث المذكورة متقدمة لا مقدمة شيئا آخر ؛ ولأنه لو كان كذلك لأضيفت إلى مفعولها بأن يقال : مقدمة الطالب الذى عرفها على من لم يعرفها من الشارعين ؛ لأن الصفة المتعدية للمفعول الظاهر إضافتها إليه لا لما له بها نوع تعلق ، فلما لم تضف إليه وأضيفت للكتاب مع أنه غير المفعول علم أنها من اللازم ، وإنما كان الكتاب غير المفعول ؛ لأن المقدم فى الحقيقة الطالب الذى عرفها لا الكتاب نفسه.
(قوله : يقال مقدمة العلم) أى : يقال هذا اللفظ أو تقال هذه الكلمة ، إذ من المعلوم أن الكلمة إذا أريد لفظها فإنها تحكى بالقول نحو : (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ)(١) ويصح أن يجعل القول بمعنى الإطلاق. أى : أن المقدمة إذا أضيفت للعلم تطلق على ما يتوقف عليه الشروع فى مسائله ، فاللام فى قوله لما بمعنى على ، والظرف لغو متعلق بيقال على التقديرين ، وما فى قوله لما نكرة موصوفة واقعة على معان. أى : معان تتوقف إلخ. وهى المبادىء العشرة وظاهره كانت متقدمة أولا بأن كانت فى الأثناء. إن قلت : أصل الشروع فى مسائل العلم إنما يتوقف على تصور العلم بوجه ، وذلك يحصل بالرسم.
فيقتضى أن مقدمة العلم اسم للرسم خاصة ، وهذا ينافى ما ذكره العلامة السيد فى شرح المفتاح من أن مقدمة العلم اسم لما يتوقف عليه تصور العلم بوجه ، وذلك كالرسم أو تصوره بالذات والحقيقة ، وذلك كالحد أو الشروع فيه على بصيرة ، وذلك كالموضوع والفائدة والغاية وغيرها من بقية المبادئ العشرة المشهورة. قلت : المراد بالشروع الشروع من حيث هو ، فيشمل أصل الشروع والشروع على بصيرة ، فتشمل المقدمة
__________________
(١) الأنبياء : ٦٠.