فى هذا الفن ، أو لا ؛ الثانى : المقدمة ، والأول : إن كان الغرض منه الاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعنى المراد فهو الفن الأول ، وإلا فإن كان الغرض منه الاحتراز عن التعقيد المعنوى فهو الفن الثانى ، وإلا فهو الفن الثالث ، وجعل الخاتمة خارجة عن الفن الثالث ...
______________________________________________________
ثم إن قوله لأن المذكور فيه إما أن يكون إلخ. هذا دليل عقلى على ما أدعاه من الحصر ؛ لأن التردد بين النفى والإثبات عقلى ، وهذا الدليل العقلى مؤيد بالاستقراء.
(قوله : فى هذا الفن) أى : المعهود وهو فن البلاغة وتوابعها (قوله : الثانى المقدمة) قدم الثانى لقصر الكلام عليه ؛ ولأن مفهومه عدمى وهو مقدم على الوجود ، ثم إن حمل الثانى على خصوص المقدمة جاء من الاستقراء ، فاندفع ما يقال لم لا يجوز أن يكون شيئا آخر ، وحاصل الدفع أننا تتبعنا مقصود الكتاب فلم نجد غير المقدمة والفنون الثلاثة ، وما قيل هنا يقال فى الثالث. (قوله : فى تأدية المراد) أى : للبلغاء ، والمراد بالمعنى المراد للبلغاء : ما زاد على أصل المعنى من الأحوال التى يقصدها البليغ : كالإنكار ، وخلو الذهن ، فلو كان المخاطب ينكر قيام زيد ، وأورد المتكلم له الكلام غير مؤيد بأن قال : زيد قائم ، فقد أخطأ فى نفس تأدية المعنى المراد لتركه الواجب ، وهو التأكيد الدال على حال المخاطب ، وهو الإنكار الذى هو معنى مراد للبلغاء ، وهذا الخطأ يحترز عنه بالفن الأول ، وقوله : عن التعقيد المعنوى. أى : بأن تكون العبارة التى عبر بها يعسر الانتقال منها إلى المعنى المراد فإذا اقتضى الحال المجاز ، وأورده المتكلم لكن مع التعقيد المعنوى : بأن أتى بعبارة صعبة خفية اللوازم كما لو قلت : رأيت أبخر فى الحمام مريدا به رجلا شجاعا بجامع مشابهته للأسد فى ذلك ، فقد أصبت فى أصل تأدية المعنى المراد لكونه مطابقا لمقتضى الحال ، ولكن أخطأت فى كيفية التأدية لكونك أتيت بالعبارة الخفية اللوازم ، وهذا الخطأ يحترز عنه بالفن الثاني. فلو عبرت عن المقصود برأيت أسدا فى الحمام بجامع الجراءة لم يكن هناك خطأ فى كيفية التأدية لسهولة الانتقال (قوله : وإلا فهو الفن الثالث) أى : وإلا بأن كان الغرض ليس الاحتراز أصلا بل إنما هو مجرد تحسين اللفظ وتزيينه فهو الثالث. (قوله : وجعل الخاتمة إلخ) هذا جواب عما يقال حصر ترتيب المختصر