وافراد الضمير ، في «يقول» ، بالنظر الى اللفظ. وجمعه ، فيما بعد بالنظر الى المعنى. لأنهم في قولهم «آمنا» بمنزلة شخص واحد ، لاتفاقهم عليه ، في غير اختلاف. وأما إتيانهم بما ينافي الايمان ، فالتعدد فيه ممكن ، بل واقع. فلذلك لوحظ فيه جهة كثرتهم ، بإيراد ضمير الجماعة.
و «الناس» ، اشتقاقه من الأناس ، حذفت همزته تخفيفا. منه انسان وأناس وأنس. وحذفها مع لام التعريف ، واجب. لا يكاد يقال الأناس. وهو مأخوذ من الأنس ، بالضم ، ضد الوحشة. لأنهم مدنيّون بالطبع ، يستأنسون بأمثالهم ، أشد استئناس. أو من الانس ، بالكسر. بمعنى الإيناس. وهو الأبصار.
قيل : وهذا أشبه ، ليناسب المقابل ، أعني الجن. لأنهم سمّوا به ، لاجتنانهم.
ويوافق اسمه الاخر. أعني ، البشر. لأنه من البشرة (١) ظاهر الجلد.
وذهب الكسائي الى أنه من نون وواو وسين. والأصل ، نوس. فقلبت الواو ، ألفا ، لتحركها وانفتاح ما قبلها. والنوس : الحركة.
وقيل (٢) : «من نسي ، فقلبت اللام الى موضع العين فصارت نيس» (٣). ثم قلبت الياء ألفا. سموا بذلك ، لنسيانهم. فوزنه على الأول ، عال وعلى الثاني فعل وعلى الثالث فلع.
قيل : لا يجب في كل لفظ أن يكون مشتقا من شيء آخر. والا لزم التسلسل.
وعلى هذا ، لا حاجة الى جعل لفظ «الإنسان» مشتقا من شيء آخر.
ورد بأن المقصود من ذلك ، تقليل اللغات ، بحسب الوسع. ولا شك أن الألفاظ المتعددة ، إذا ردت الى أصل واحد ، صارت اللغات ، أقل.
__________________
(١) أ : البشيرة.
(٢) تفسير البحر المحيط ١ / ٥٢.
(٣) أ : فصار نيسا.