الثانية ، الحكم على الكافرين ، قصدا بجملة تامة مصدرة بأن ، المشعرة بالأخذ في فن آخر ، لتجرد الأولى عنها. بخلاف قوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (١) لتوافقهما في الغرض والأسلوب. وهو ظاهر.
ويحتمل أن يقال : لما كانت النسبة بين المؤمنين والكافرين ، كمال المباينة ، وبين الكافرين والمنافقين ، على ما هو في شأن المنافقين ، كمال المناسبة ، قطع ما كان في شأن الكافرين ، عما كان في شأن المؤمنين وعطف ما كان في شأن المنافقين على ما هو في شان الكافرين ، تنبيها على تينك النسبتين.
و «أن» من الحروف التي شابهت الفعل ، في عدد الحروف. والبناء على الفتح. ولزوم الأسماء. وإعطاء معانيه والمتعدي ، خاصة ، في دخولها على اسمين ولذلك أعملت عمله الفرعي. وهو نصب الجزء الأول ورفع الثاني ، إيذانا بأنه فرع في العمل.
وقال الكوفيون : الخبر قبل دخولها ، كان مرفوعا بالخبرية. وهي بعد باقية مقتضية للرفع ، قضية (٢) للاستصحاب. فلا يرفعه الحرف.
ورد بأن اقتضاء الخبرية الرفع. مشروط بالتجرد ، لتخلفه عنها ، في خبر كان. وقد زال بدخولها فتعين اعمال الحرف. وفائدتها تأكيد النسبة وتحقيقها.
ولذلك يتلقى بها القسم ، ويصدر بها الاجوبة ، وتذكر في معرض الشك.
روي أن الكندي المتفلسف ، ركب «الى المبرد» (٣) وقال : اني أجد في كلام العرب حشوا ، أجد العرب يقول : عبد الله قائم. ثم يقول (٤) : ان عبد الله قائم. ثم
__________________
(١) الانفطار / ١٤.
(٢) أ : قضيته.
(٣) ليس في أ.
(٤) المتن ور : تقول.