وحمدان حمدون وحمدون حارث |
|
وحارث لقمان ولقمان راشد (١) |
فليس هذا التكرار عندي قبيحا ، لأن المعنى المقصود لا يتم إلا به ، وقد اتفق له أن ذكر أجداد الممدوح على نسق واحد من غير حشو ولا تكلف ، لأن أبا الهيجاء هو عبد الله ابن حمدان بن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد ، ولو ورد هذا الكلام نثرا لم يرد إلا على هذه الصفة ، فلما عرض في هذا التكرار معنى لا يتم إلا به سهل الأمر فيه ، وكان البيت مرضيا غير مكروه ، وعلى ذلك يجب أن يحمل كل تكرار يجري هذا المجرى.
وقيل : أذّن أبو مهدية الأعرابي يوما فقال : أشهد أن لا إله إلا الله مرة ، فقيل له : خالفت السنة ، إنما هو : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ـ فقال : أو ليس المعنى واحدا ، ونزيح التكرار الذي هو عي.
وأجاز لنا في بعض الأيام شيخنا أبو العلاء بن سليمان قول الشاعر :
ألا طرقتنا بعد ما هجعوا هند |
|
وقد سرن خمسا واتلأبّ بنا نجد |
ألا حبذا هند وأرض بها هند |
|
وهند أتى من دونها النأي والبعد (٢) |
وقال : من حبه لهذه المرأة لم ير تكرير اسمها عيبا ، ولأنه يجد للتلفظ باسمها حلاوة ، فلم ير من الاعتذار للتكرير إلا هذا العذر.
فأما قول أبي الطيب :
لك الخير غيري رام من غيرك الغنى |
|
وغيري بغير اللاذقية لاحق (٣) |
__________________
(١) هذا البيت موجه لسيف الدولة ، وقوله : حمدان وحمدون ، إشارة إلى آباء سيف الدولة. انظر «ديوان المتنبي» ٢ / ٧٢.
(٢) البيتان من الطويل وهما للحطيئة في «ديوانه» ص ٣٩ ، «أمالي ابن الشجري» ١ / ٥٩ ، ٢ / ٣٦ ، «المنصف» ٣ / ٣٦ ، «شرح المفصل» ١ / ١٠ ، ٧٠ ، «همع الهوامع» ٢ / ٨٨ ، «الدرر اللوامع» ٢ / ١١٥. واتلأبّ : استقام وامتد.
(٣) هو من قصيدة في مدح الحسين بن اسحاق التنوخي. انظر «ديوان المتنبي» ص (١ / ١٢٢).