كذلك إذا كرهته ، قال جرير :
إني أواصل من أردت وصاله |
|
بحبال لا صلف ولا لوام (١) |
والصّلف الذي لا خير عنده ، ومن أمثالهم : ربّ صلف تحت الراعدة (٢).
ومن ذلك أيضا قول أبي عبادة (٣) :
شرطي الإنصاف إن قيل اشترط |
|
وصديقي من إذا صافى قسط |
وأراد بقسط عدل ، لأن الأمر عليه ، وليس الأمر كذلك ، وإنما يقال : قسط ؛ إذا جار ، قال الله تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) [الجن : ١٥].
وقد يكون ما ذكرناه على جهة الحذف من الكلمة ، كما قال رؤبة بن العجاج (٤) :
قواطنا مكة من ورق الحما
يريد ـ الحمام ـ كقول خفاف بن ندبة :
كنواح ريش حمامة نجديّة |
|
ومسحت باللثتين عصف الإثمد (٥) |
يريد ـ كنواحي ـ وكما قال غيره ـ هو مضرّس بن ربعيّ :
وطرت بمنصلي في يعملات |
|
دوامي الأيد يخبطن السريحا (٦) |
__________________
(١) «ديوان جرير» ص (٤١٧).
(٢) الصلف : قلة الخير ، والراعدة : السحابة ذات الرعد ، يضرب للبخيل مع الغنى والسعة.
(٣) «ديوان البحتري» ص (٢ / ٣٢٦). وفي المطبوع : وخليل ، بدل وصديقي.
(٤) غير موجود في ديوانه.
(٥) شبه شفتي المرأة بنواحي ريش الحمامة في رقتها. والإثمد : الكحل ، وعصفه : ما سحق.
«الكتاب لسيبويه وشرح شواهده للأعلم» ١ / ٩ ، «شرح المفصّل» ٣ / ١٤٠ ، «الإنصاف لابن الأنباري» ص ٥٤٦ ، «مغني اللبيب لابن هشام وشرح شواهده للسيوطي» ١٠٥ ، ١١١.
(٦) المنصل : السيف ، واليعملات : النوق المطبوعة على العمل ، والسريح : السير الذي يشد على رجلها ، يعني عقره لها بسيفه. البيت من الوافر «شرح أبيات سيبويه» ١ / ١٢ ، «الخصائص»