وقال أبو عبادة (١) :
يشقّ عليه الريح كل عشيّة |
|
جيوب الغمام بين بكر وأيّم |
فوضع الأيّم مكان الثيب وليس الأمر كذلك ، ليس الأيم الثيب في كلام العرب ، إنما الأيم التي لا زوج لها ، بكرا كانت أو ثيبا ، قال الله عزوجل : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) [النور : ٣٢]. وليس مراده تعالى نكاح الثّيبات من النساء دون الأبكار ، وإنما يريد النساء اللواتي لا أزواج لهن ، وقال الشمّاخ بن ضرار :
يقرّ بعيني أن أحدّث أنها |
|
وإن لم أنلها أيّم لم تزوّج |
وليس يسرّه أن تكون ثيبا ، وقد حكي أن بعض كبار الفقهاء ـ وهو محمد بن إدريس الشافعي (٢) ـ غلط في ذلك ، والصحيح ما ذكرناه.
ومثال هذا أيضا قول أبي تمام :
ما مقرب يختال في أشطانه |
|
ملآن من صلف به وتلهوق (٣) |
يريد بالصلف هنا الكبر والتيه ، وهذا مذهب العامة في استعمال هذه اللفظة ، وأما العرب فتقول : صلفت المرأة عند زوجها ؛ إذا لم تحظ عنده ، وصلف الرجل أيضا
__________________
«ديوان أبي تمام» ٣ / ٢٥٣. زف العروس : أهداها. الأيّم : التي لا زوج لها.
(١) «ديوان البحتري» (٢ / ٨٢).
(٢) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي ـ أبو عبد الله ـ أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة ، وإليه نسبة الشافعية كافة. ولد في غزة «بفلسطين» وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين ، ارتحل إلى مصر سنة ١٩٩ وتوفي فيها. كان الشافعي أشعر الناس وآدبهم وأعرفهم بالفقه والقراءات ، وكان ذكيا له تصانيف كثيرة أشهرها كتاب «الأم» في الفقه ومن كتبه أيضا «المسند» في الحديث و «أحكام القران» و «السنن» و «الرسالة» في أصول الفقه وغيرها كثير.
(٣) «ديوان أبي تمام» ٢ / ٤٠٩ هو من قصيدة له يمدح فيها الحسن بن وهب ، ويصف فرسا حمله عليه ، انظر ديوان أبي تمام ص ١٩٩. المقرب : الفرس. والاشطان : الحبال. والصلف : الاعجاب بالنفس. والتلهوق : المبالغة والتكلّف.