كان يعّوذ الحسن والحسين عليهماالسلام فيقول : «أعيذكما بكلمات الله التامّة ، من كل شيطان وهامّة ، ومن كل عين لامّة» (١) ولم يقل : ملمّة ، لأجل المناسبة. وكذلك قوله صلىاللهعليهوسلم في بعض الحديث : «ترجعن مأزورات غير مأجورات» (٢) ؛ لأن مأزورات من الوزر والمستعمل موزورات ، فجاء به هكذا لأجل المناسبة.
والسّجع الواقع موقعه كثير لمن طلبه ، ومنه قول أبي الفرج عبد الواحد بن نصر الببّغا في أول رسالة له : «إذا كانت حقيقة الشكر ـ أطال الله بقاء سيدنا الأمير سيف الدولة ـ في متعالم العرف والعادة ، إنما هي علة موضوعة لاستجلاب الزيادة ، فقد لزم بدليل العقل ، وحجّة النقل ، أن يسمى الشاكر مستزيدا لا مكافيا ، ومستديما لا مجازيا ، وتبقى النعمة مطالبة بواجبها ، والمنّة مقتضية عن صاحبها».
وقوله في فصل آخر : «وعلمي بأن أقرب مؤمّليه إليه ، وأوجبهم حرمة عليه ، أشدّهم استزادة لنعمه ، وأكثرهم إلحاحا على كرمه ، بعثني على التقرب إلى قلبه بالسؤال ، ومناجاة كرمه بلسان الآمال ، فسألت متقربا ، وطلبت متسحبا».
وبلغ عليّ بن الحسين عليهماالسلام قول نافع بن جبير في معاوية : كان يسكته الحلم ، وينطقه العلم ، فقال : بل كان يسكته الحصر ، وينطقه البطر.
ووقف الأحنف على قبر الحارث بن معاوية المازنيّ فقال : رحمك الله أبا المورق ، كنت لا تحقر ضعيفا ، ولا تحسد شريفا.
وقال بعضهم : سل الأرض من شقّ أنهارك ، وغرس أشجارك وجنى ثمارك؟ فإن لم تجبك حوارا ، أجابتك اعتبارا.
__________________
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الأنبياء / باب. حديث رقم (٣٣٧١) بلفظ الإفراد. ومسلم في «صحيحه» كتاب الذكر / باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره. حديث رقم (٥٤ / ٥٥). والترمذي رقم (٢٠٦٠) ، وأبو داود رقم (٤٧٣٧) ، وأحمد رقم (٢١١٣).
(٢) ذكره ابن الأثير في «النهاية» (٥ / ١٧٩). وأورده ابن ماجة رقم (١٥٧٨): «فارجعن ...».