إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

سرّ الفصاحة

162/327
*

فتنفست ثم قلت نعم حبا

جرى في العروق عرقا فعرقا

فقال له بختيار : لا تخرج بنا أبا الخطاب عن صناعة الطب التي ما ترثها عن كلالة.

وكان أصحابنا إذا سمعوا قول المهلبي :

يا من له رتب ممكنّة ال

قواعد من فؤادي

قالوا : هذا يصلح أن يكون شعر بنّاء.

وقال الظاهر الجزري :

محاسنه هيولى كل حسن

ومغناطيس أفئدة الرجال

وهذا كأنه شعر فيلسوف.

وحكى أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ قال : أنشدت أبا شعيب القلّال أبيات أبي نواس :

ودار ندامى عطّلوها وأدلجوا

بها أثر منهم جديد ودارس

فقال : هذا شعر لو نقرته طن ؛ فوصفه من طريق صناعته.

وقال أبو القاسم الآمدي في قول أبي تمام :

العار والنار والمكروه والعطب

والقتل والصلب والمران والخشب (١)

هذا كأنه من كلام خالد الحداد.

وكان بمعرّة النعمان شاعر يعرف بالوامق ، موصوف بالخلاعة والمجون ، فكان ينظم أشعارا في حائك وأسكاف وصائغ ومن يجري مجراهم ، ويستعمل ألفاظ تلك الصناعة ومعانيها في ذلك الشعر ، فمما يروى له في غلام إسكاف قوله :

__________________

(١) المران : شجر صلب تتخذ منه الرماح. «ديوان أبي تمام» ص ٥٠١.