وقول أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان فيما قرأته عليه :
تلاق تفرىّ عن فراق تذمه |
|
مآق وتكسير الصفائح في الجمع (١) |
وقوله أيضا في بعض رسائله : فحرس الله عز سيدنا حتى تدغم الطاء في الهاء ، فتلك حراسة بغير انتهاء. وكثيرا ما يسلك هذه الطريقة في كلامه ، وهي لائقة به ، لأنه لم تكن له يد في صناعة الكتابة ، ولا طريقة محمودة ، وإنما رسائله معدودة في كتب اللغة ودساتير الأدب ، فاستعمال هذا وما يجري مجراه فيها لائق.
ومن هذا النوع ما يحكى من أشعار أصحاب المهن واستعمالهم لألفاظ صناعاتهم ومعانيها فيما ينظمونه أو ينثرونه ، وربما كان ذلك أو بعضه شيئا يصنع وينسب إليهم ، وحكى أن بعض المهندسين حضرته الوفاة فقال : يا عالما بجذر الأصم ومحيط الدائرة ، لا تقبض روحي إلا على خط مستقيم وزوايا قائمة.
وقيل : إن بعض الملوك أنفذ صاحبا له في جيش وكان طبيبا ، فلما عاد إليه سأله عن الوقعة فقال له : التقت الفئتان في موضع كرحبة البيمارستان ، فلو ألقي مبضع لما وقع إلا على قيفال (٢) فما كانت إلا ساعة حتى أبحر أعداؤنا بحرانا مهلكا ، وعدنا في صحة مطلقة بإقبالك يا معتدل المزاج.
وخبرت أن عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدولة قال يوما وفي مجلسه جماعة من ندمائه وكتابه : لينشدني كل واحد منكم أغزل ما يعرفه من الشعر ، فأنشده كل واحد منهم ما حضره ، فلما انتهى القول إلى أبي الخطاب مفضل بن ثابت الصابي وكان أبوه طبيبا أنشده قول أبي العتاهية :
قال لي أحمد ولم يدر ما بي |
|
أتحب الغداة عتبة حقا (٣) |
__________________
(١) تفرى : تشقق ، يعنى أنه تلاق أدّى إلى فراق.
(٢) القيفال : عرق في اليد.
(٣) لم أجده في الديوان.