ومن الحشو أيضا قول أبي تمام :
كالظبية الأدماء صافت فارتعت |
|
زهر العرار الغضّ والجثجاثا (١) |
فإن الجثجاث إنما جاء به حشوا لأجل القافية ، وإلا فليس للظبية فضيلة إذا رعت الجثجاث ، ولا له فيها ميزة على غيره من النبات ، وقد سبقه إلى مثل هذا الحشو في القافية عديّ بن الرقاع العامليّ فقال :
وكأنها بين النساء أعارها |
|
عينيه أحور من جآذر جاسم (٢) |
لأن جاسم إنما وردت هنا لأجل القافية لا لمعنى فيها ، وهي قرية بالشام من أعمال دمشق ، وفيها ولد أبو تمام الطائي ، وليس لجآذرها ميزة على غيرها ، وقد سألت عن ذلك جماعة ممن يخبر تلك الناحية فما وجدت عندهم فيها إلا ما عندهم في غيرها من البلاد.
ومن ذلك أيضا قول علي بن محمد البصري :
وسابغة الأذيال زغف مفاضة |
|
تكنفها منى بجاد مخطّط (٣) |
فليس لكون البجاد مخططا تأثير في صفة الدرع ، وإنما الغرض بذكره القافية.
وأضداد هذا في وقوع الفائدة بالكلمة التي تكون فيها القافية كثير ، ومنه قول امرىء القيس :
كأنّ عيون الوحش حول خبائنا |
|
وأرحلنا الجزع الذي لم يثقّب (٤) |
__________________
(١) «ديوان أبي تمام» ١ / ٣١٢. الأدماء : التي يعلو لونها سمرة. صافت : أتى عليها الصيف. العرار والجثجاث ضربان من النبت.
(٢) «الشعر والشعراء» ٦٠٢ ، «الأغاني» ٨ / ١٧٤ ، «المصون في الأدب» ١٥.
(٣) الزغف من الدروع : المحكمة اللينة ، ومفاضة : واسعة ، والبجاد : الثوب.
(٤) «شرح ديوان امرىء القيس» ٥٦. الجزع : الخرز اليماني فيه سواد وبياض.