وقال الآخر :
للولا قاسم ويدا بسيل |
|
لقد جرّت عليك يد غشوم (١) |
وأما قولنا : إن زيدا لفي الدار ، وإنّ زيدا لبك واثق ، فاللام داخلة فيه على خبر إنّ لا على الحرف. وكذلك ما أشبهه ، وكذلك قوله تعالى : (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (الشعراء : ٤٩) (٢) ، (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (الضحى : ٥) (٣) إنما اللام داخلة فيه على الفعل لا على الحرف.
الثاني منهما : قولنا في حروف المعجم (ه ولا ي) ولا يقال هنا : لام الف كما يقول المعلمون ، إنما يقال : (لا ي) ووجه ذلك أن ألف «لا» إنما هي المدة الساكنة في نحو قام ، وحمار ، وكتاب ، ولا يمكن الابتداء بهذه الألف ؛ لأنها لا تكون إلا مدة ساكنة ، وأرادوا النطق بها كما أرادوا النطق بسائر حروف المعجم غيرها ، فدعمها واضع الهجاء بحرف يقع الابتداء به ، وهو اللام ، توصلا إلى النطق بها ساكنة بحالها ، فقال : (لا).
فإن قال قائل : ما أنكرت أن يكون إنما أراد واضع الحروف أن يرينا كيف تتركب اللام والألف ، فشكل هذا الشّكل الذي هو «لا» دون ما ذهبت إليه من أنه أدخل اللام لسكون الألف؟
فالجواب : أنه لو كان غرض واضع حروف المعجم أن يرينا في هذا الموضع كيف تتركب اللام والألف ، لأرانا أيضا كيف تتركب الجيم والطاء ، وكيف تتركب السين والباء ، وكيف تتركب القاف والدال ، وغير ذلك ، ومعلوم أنه ليس ذلك غرضه ،
__________________
(١) قاسم ـ بسيل : اسما رجلين. جرت : أجر جريرة أي ارتكب جناية وذنبا. غشوم : الغشوم : الشديد الظلم. القاموس المحيط (٤ / ١٥٦). والشاهد فيه دخول اللام الزائدة للتوكيد على الحرف لولا. والبيت ذكره صاحب الخزانة دون أن ينسبه.
(٢) الشاهد فيه دخول اللام الزائدة للتوكيد ، والتقدير (فسوف تعلمون).
(٣) والشاهد فيها أيضا دخول اللام الزائدة للتوكيد ، والتقدير (وسوف يعطيك ربك فترضى).