وأنشد للأعشى (١) :
وثمّت لا تجزونني بعد ذاكم |
|
ولكن سيجزيني الإله فيعقبا (٢) |
قال : واستعمله أبو نواس ، فقال (٣) :
البدر أشبه ما رأيت بها |
|
حين استوى وبدا من الحجب (٤) |
وبل الرّشا لم يخطها شبها |
|
في الجيد والعينين واللّبب (٥) |
وأنشد أبو الحسن بيتا فيه «فثمّ» (٦) فأدخل الفاء على ثمّ.
فهذا كله يؤكد عندك اختلاف حروف العطف لجواز دخول بعضها على بعض إذ كان حرفان لمعنى واحد لا يتواليان ، ولما كانت حروف المضارعة كلها كالحرف الواحد
__________________
(١) جاء في ديوان الأعشى (ص ١٦٧).
(٢) يقول الأعشى : إنكم لن تجزونني بعد ذلك الذي كان مني ويستدرك قائلا : ولكن الله سيجزيني. وأسلوب البيت خبري تقريري. وقوله : لا تجزونني أسلوب نفي غرضه التحسر والتوجع. والشاهد فيه دخول حروف العطف على بعضها.
(٣) فقال : البيتان ذكرا في ديوان أبي نواس (ص ٧١).
(٤) يقول أبو نواس أن البدر يشبهها ، وهو هنا يستخدم التشبيه المعكوس أو المقلوب فلم يقل أنها تشبه البدر ولكنه قال : أن البدر يشبهها في جمالها حين يبدو من خلف الحجب. الشاهد فيه دخول حروف العطف على بعضها لاختلافها.
(٥) ويعقد أبو نواس أيضا مقارنة بينها وبين الرشا في (الجيد ـ العينين ـ واللبب) ويرى أنها تتفوق على الرشا في كل ذلك لشدة جمالها. والشاهد أيضا دخول حروف العطف على بعضها البعض لاختلافها.
(٦) فثم : ربما يقصد قول زهير :
أراني إذا ما بت بت على هوى |
|
فثم إذا أصبحت أصبحت غاديا |
كذا أنشده أبو الفتح في باب الفاء شاهدا على زيادة الفاء ، وفي رصف المباني ص ٢٧٥ «وثم» وجاء في الخزانة أن السيرافي قال : «الأجود فثم بفتح الثاء المثلثة لكراهة دخول عاطف على عاطف». بت على هوى : لي حاجة لا تنقضي أبدا. وفي مغني اللبيب ص ١٥٨ أن الأخفش والكوفيين ذهبوا إلى أن ثم زائدة.