وأنشد أبو الحسن (١) :
أبلغ أبا دختنوس مألكة |
|
غير الذي قد يقال م الكذب (٢) |
يريد أبو صخر : من الآن ، ويريد الآخر : من الكذب. وقد حذفوا في نحو هذا النون التي هي لام الفعل لالتقاء الساكنين.
وأنشد قطرب ، وقرأناه على بعض أصحابنا يرفعه إليه (٣) :
لم يك الحقّ سوى أن هاجه |
|
رسم دار قد تعفّى بالسّرر (٤) |
أي : لم يكن الحق ، وكان حكمه إذا وقعت النون موقعا تحرك فيه ، فتقوى بالحركة ، أن لا يحذفها ؛ لأنها بحركتها قد فارقت شبه حروف اللين إذ كنّ لا يكنّ إلا سواكن ، وحذف النون من يكن أقبح من حذف التنوين ونون التثنية والجمع ، لأن النون في يكن أصل ، وهي لام الفعل ، والتنوين والنون زائدتان فالحذف فيهما أسهل منه في لام الفعل ، وحذف النون أيضا من يكن أقبح من حذف نون من في قوله :
... |
|
غير الذي قد يقال م الكذب |
لأن يكن أصله يكون ، فقد حذفت منه الواو لالتقاء الساكنين فإذا حذفت منه النون أيضا لالتقاء الساكنين أجحفت به لتوالي الحذفين لا سيما من وجه واحد عليه.
ولك أيضا أن تقول : إنّ من حرف ، والحذف في الحروف ضعيف إلا مع التضعيف نحو : ربّ ، وإنّ ، وأنّ. هذا قول أصحابنا (٥) في هذا البيت ، وأرى أنا شيئا آخر غير ذلك ، وهو أن يكون جاء بالحق بعد ما حذف النون من يكن ، فصار يك مثل قوله عز وجل : (وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (مريم : ٦٧) (٦).
__________________
(١) البيت ذكره صاحب اللسان مادة (ألك) (١٠ / ٣٩٢) ، وشرح المفصل (٨ / ٣٥).
(٢) الشاهد فيه (يقال م الكذب) حيث حذف النون من حرف الجر وتقديره (يقال من الكذب).
(٣) البيت ذكره صاحب اللسان دون أن ينسبه ، ونسب في النوادر إلى حسيل بن عرفطة (ص ٢٩٦) ، والخزانة (٤ / ٧٢).
(٤) الشاهد فيه (يك) حيث حذفت نون الفعل لالتقاء الساكنين.
(٥) المسائل العسكريات (ص ٣٠).
(٦) الشاهد فيه (يك) حيث حذفت نون الفعل تخلصا من التقاء الساكنين.