التنوين ، فصارت النون في حمراوان وصفراوان وأحمران وأصفران عوضا من الحركة والتنوين جميعا.
فأما النون في هذان ، وتان ، واللذان ، واللتان فالقول فيها : إنها ليست عوضا من حركة ولا تنوين ولا من حرف محذوف كما يظن قوم ، ولا حكم هذان واللذان في أنهما مثنيان حكم الزيدان والعمران ، وأنا أذكر لك ما تحصل لي عن أبي علي بعد طول البحث معه عن ذلك.
اعلم أن أسماء الإشارة نحو هذا وهذه ، والأسماء الموصولة نحو الذي والتي لا تصح تثنية شيء منها من قبل أن التثنية لا تلحق إلا النكرة كما قدمنا ، فما لا يجوز تنكيره فهو بأن لا تصح تثنيته أجدر ، وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة لا يجوز أن تتنكر ، فلا يجوز أن يثنّى شيء منها ، ألا تراها بعد التثنية على حد ما كانت عليه قبل التثنية ، وذلك نحو قولك : هذان الزيدان قائمين ، فتنصب قائمين بمعنى الفعل الذي دلت عليه الإشارة والتثنية ، كما كنت تقول في الواحد : هذا زيد قائما ، فتجد الحال واحدة قبل التثنية وبعدها. وكذلك قولك : ضربت اللذين قاما ، إنما يتعرفان بالصلة كما يتعرف بها الواحد في قولك : ضربت الذي قام ، فالأمر في هذه الأشياء بعد التثنية هو الأمر فيها قبل التثنية. وكذلك يا هنان ويا هنون ، هذه أسماء لا تنكر أبدا لأنها كنايات وجارية مجرى المضمرة ، فإنما هي أسماء مصوغة للتثنية والجمع بمنزلة اللذين والذين ، وليس كذلك سائر الأسماء المثناة نحو زيد وعمرو.
ألا ترى أن تعرّف زيد وعمرو إنما هو بالوضع والعلمية ، فإذا ثنيتهما تنكرا ، فقلت : رأيت زيدين كريمين ، وعندنا عمران عاقلان ، فإذا آثرت التعريف بالإضافة أو باللام ، وذلك نحو الزيدان والعمران ، وزيداك وعمراك ، فقد تعرّفا بعد التثنية من غير وجه تعرّفهما قبلها ، ولحقا بالأجناس ، وفارقا ما كانا عليه من تعريف العلمية والوضع ، فإذا صح ذلك فينبغي أن تعلم أن هذان وهاتان ، واللذان واللتان إنما هي أسماء مصوغة للتثنية مخترعة لها ، وليست بتثنية للواحد على حد زيد وزيدان ، إلا أنها صيغت على صورة ما هو مثنى على الحقيقة ، فقيل : هذان واللذان وهذين واللذين لئلا تختلف التثنية ، وذلك أنهم يحافظون عليها ما لا يحافظون على الجمع ، ألا ترى أنك تجد في الأسماء المتمكنة ألفاظ الجموع من غير ألفاظ الآحاد ، وذلك نحو رجل رنفر ،