فشاذ ، وإنما جاز على تشبيه «لم» بـ «لا» كما قال الآخر (١) :
أن تهبطين بلاد قو |
|
م يرتعون من الطّلاح (٢) |
فهذا على تشبيه «أن» بـ «ما» التي في معنى المصدر في قول الكوفيين (٣) ، فأما على قولنا نحن فإنه أراد «أنّ» الثقيلة ، وخففها ضرورة ، وتقديره : أنك تهبطين ، فاعرفه.
وتلحق التثنية والجمع الذي على حد التثنية عوضا مما منع الاسم من الحركة والتنوين ، وذلك نحو الزيدان والعمران ، والزيدون والعمرون.
واعلم أن للنون في التثنية والجمع الذي على حد التثنية ثلاث أحوال : حالا تكون فيها عوضا من الحركة والتنوين جميعا ، وحالا تكون فيها عوضا من الحركة وحدها ، وحالا تكون فيها عوضا من التنوين وحده.
أما كونها عوضا من الحركة والتنوين ففي كل موضع لا يكون الاسم المتمكن فيه مضافا ولا معرّفا بلام المعرفة ، وذلك نحو رجلان ، وفرسان ، وغلامان ، وجاريتان ، ألا ترى أنك إذا أفردت الواحد على هذا الحد وجدت فيه الحركة والتنوين جميعا ، وذلك قولك : رجل ، وغلام ، وجارية ، وفرس ، فالنون في رجلان إنما هي هنا عوض مما يجب في ألف رجلان التي هي حرف الإعراب بمنزلة لام رجل ، فكما أن لام رجل ، وسين فرس ونحوهما مما ليس مضافا ولا معرّفا باللام يلزم أن تتبعها الحركة والتنوين ، فكذلك كان يجب في حرف التثنية.
وأما الموضع الذي تكون فيه نون التثنية عوضا من الحركة وحدها فمع لام المعرفة وذلك نحو الرّجلان ، والفرسان ، والزيدان ، والعمران ، ألا ترى أنها تثبت مع لام المعرفة كما تثبت معها الحركة نحو الغلام والرجل.
__________________
(١) يقصد به القاضي القاسم بن معن قاضي الكوفة حيث نسب صاحب العيني البيت إليه.
(٢) ذكر صاحب اللسان البيت في مادة (ص ل ف) (٩ / ١٩٨) ، ولم ينسبه. الشاهد فيها اتصال أن المخففة من الثقيلة كما زعم الكوفيون في قوله (أن تهبطين) ويرى البصريون أنها أن الناصبة ولكن أهمل عملها وعملت عمل ما المصدرية.
(٣) ذكر ذلك ابن هشام في مغني اللبيب (ص ٤٦) ، وأكد على رأيهم ذلك صاحب الخزانة (٣ / ٥٥٩) وكذا العيني (٤ / ٣٨١).