واستدرك أبو
الحسن ذلك عليه ، وقال : إن هذا لا يجوز إدغامه ، لأن السين ساكنة ، ولا يجمع بين
ساكنين ، فهذا لعمري تعلق بظاهر لفظه ، فأما حقيقة معناه ، فلم يرد محض الإدغام ،
وإنما أراد الإخفاء ، فتجوّز بذكر الإدغام ، وليس ينبغي لمن قد نظر في هذا العلم
أدنى نظر أن يظنّ سيبويه ممن يتوجه عليه هذا الغلط الفاحش ، حتى يخرج فيه من خطأ
الإعراب إلى كسر الوزن ، لأن هذا الشعر من مشطور الرجز ، وتقطيع الجزء الذي فيه
السين والحاء «ومس حهي» مفاعلن ، فالحاء : بإزاء عين مفاعلن ، فهل يليق بسيبويه أن
يكسر شعرا ، وهو من ينبوع العروض ، وبحبوحة وزن التفعيل ، وفي كتابه أماكن كثيرة تشهد بمعرفته بهذا العلم ،
واشتماله عليه ، فكيف يجوز عليه الخطأ فيما يظهر ويبدو لمن يتساند إلى طبعه ، فضلا
عن سيبويه في جلالة قدره. ولعلّ أبا الحسن أراد بذلك التشنيع عليه ، وإلا فهو كان
أعرف الناس بحاله. وقد تلا أبا الحسن في تعقّب ما أورده سيبويه في كتابه جلّة أصحابنا ، كأبي عمر وأبي عثمان وأبي العباس وغيرهم ، فقلما ضرّه الله بذلك ، إلا في الشيء النّزر القليل من قوله ، وأما ما أنشده أيضا من قول الراجز :
متى أنام لا
يؤرّقني الكرى
|
|
ليلا ولا
أسمع أجراس المطى
|
__________________