فالمظهر نحو : مررت بزيد ، والمقدّر نحو : مررت بهذا ، وذلك وغيرهما من المبني ، فعلى ما قدمناه ينبغي أن يكون «عصف» من قوله «مثل كعصف» مجرورا بالكاف ، دون أن يكون مجرورا بإضافة مثل إليه.
فأما قول الشاعر :
جياد بني أبي بكر تسامى |
|
على كان المسوّمة العراب (١) |
فإنه إنما جاز الفصل بين حرف الجرّ وما جرّه بكان ، من قبل أنها زائدة مؤكّدة ، فجرى مجرى «ما» المؤكدة في نحو قوله : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ)(٢) [النساء : ١٥٥] ، و (عَمَّا قَلِيلٍ) [المؤمنون : ٤٠] ، و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) [نوح : ٢٥] ، فلذلك جاز لعلى ، وإن كانت حرفا جارا ، أن تتخطّى إلى ما بعد كان فتجرّه ، ولا يجوز في قوله : «ككما يؤثفين» أن تكون «ما» مجرورة بالكاف الأولى ، لأن الكاف الثانية عاملة للجر ، وليست «كان» جارة ، فتجري مجرى الكاف في ككما.
فإن قيل : فمن أين جاز تعليق الأسماء عن الإضافة في اللفظ ، ولم يجز في حروف الجرّ ألا تتصل بالمجرور في نحو ما قدّمته؟
__________________
(١) جياد : (م) الجواد ، وهو النجيب من الخيل. مادة (ج ود) اللسان (١ / ٧٢٠). تسامي : تسامي القوم أي تفاخروا. مادة (س م ا) اللسان (٣ / ٢١٠٧). المسومة : المعلمة بعلامة ، ويقال وسم الشيء : كواه فأثر فيه بعلامة. اللسان (٦ / ٤٨٣٨). العراب : يقال خيل عراب ، وإبل عراب : أي خالصة العروبة (م) عربي. اللسان (٤ / ٢٨٦٦) يقول الشاعر أن سادات بني بكر يفتخرون بجيادهم المميزة والموسومة ، والتي تفضل جميع أنواع الخيل الأخرى. الشاهد فيه قوله (كان) فهي زائدة بين الجار والمجرور. إعراب الشاهد : كان : زائدة. المسومة : اسم مجرور بحرف الجر على. العراب : نعت مجرور بالتبعية.
(٢) الآية دليل على زيادة (ما) بين الجار والمجرور في (فبما نقضهم). إعراب الشاهد : الباء : حرف جر. ما : زائدة مبنية لا محل لها من الإعراب. نقض : اسم مجرور. هم : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.