يقع الترجيح بعد التساوي في الباب. فالنصب أرجح من الرفع حيث ينبني الاسم على الفعل ، والرفع متعين لا نقول : حيث بني الاسم على كلام متقدم ثم حقق سيبويه هذا المقدر بأن الكلام واقع بعد قصص وأخبار ، ولو كان كما ظنه الزمخشريّ لم يحتج سيبويه الى تقدير ، بل كان يرفعه على الابتداء ، ويجعل الأمر خبره ، كما أعربه الزمخشري.
وإنما لخصنا هذا الفصل مع التعليق عليه ، لأن بعض المفسرين ظن أن سيبويه يرجح قراءة النصب من دون هذا التقييد. والملخص من هذا كله : أن النصب على وجه واحد ، وهو بناء الاسم على فعل الأمر والرفع على وجهين ، أحدهما : ضعيف ، وهو الابتداء ، وبناء الكلام على الفعل. والآخر قوي كوجه النصب ، وهو رفعه على خبر ابتداء محذوف دل عليه السياق. وحيثما تعارض لنا وجهان في الرفع وأحدهما قوي والآخر ضعيف ، تعين حمل القراءة على القوي ، كما أعربه سيبويه.
الفخر الرازي يرد :
هذا وقد انبرى الفخر الرازي للرد على سيبويه فقال : «والذي ذهب اليه سيبويه ليس بشيء ، فيدل على فساده وجوه» وأورد بعد كلام طويل خمسة وجوه ، يضيق عن استيعابها صدر هذا الكتاب.
أبو حيان يرد على الرازي :
وقد تصدى أبو حيان للرد على الرازي ، ففند بتطويل زائد في تفسيره «البحر المحيط» الوجوه الخمسة التي أوردها ، وقال في نهاية المناقشة : «والعجب من هذا الرجل وتجاسره على العلوم حتى صنّف