النصب. ثم قال كالموضح لامتياز هذه الآية عما اختار فيها النصب :وأما قوله عز وجل : «والسارق والسارقة فاقطعوا» الآية ، وقوله :«الزانية والزاني فاجلدوا» الآية ، فإن هذا لم يبن على الفعل ، ولكنه جاء على مثال قوله تعالى : «مثل الجنة التي وعد المتقون».
ثم قال بعد : «فيها أنهار». كذا يريد سيبويه تمييز هذه الآي عن المواضع التي بيّن فيها اختيار النصب. ووجه التمييز بأن الكلام حيث يختار النصب يكون الاسم فيه مبنيا على الفعل ، وأما في هذه الآي فليس بمبني عليه ، فلا يلزم فيه اختيار النصب. ثم قال : وإنما وضع المثل للحديث الذي بعده ، فذكر أخبارا وقصصا ، فكأنه قال :ومن القصص مثل الجنة ، فهو محمول هذا على الإضمار ، والله أعلم.
وكذلك «الزانية والزاني» كما قال جل ثناؤه : «سورة أنزلناها وفرضناها» ، قال : في جملة الفرائض الزانية والزاني ، ثم جاء :«فاجلدوا» بعد أن مضى فيهما الرفع. يريد سيبويه : لم يكن الاسم مبنيا على الفعل المذكور بعد ، بل بني على محذوف متقدّم وجاء الفعل طارئا. وعاد كلامه فقال : كما جاء : وقائلة «خولان فانكح فتاتهم» فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر ، وكذلك قوله :«والسارق والسارقة» : وفيما فرض عليكم السارق والسارقة ، فإنما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث. وقد قرأ ناس :
والسارق والسارقة بالنصب ، وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوة ، ولكن أبت العامة إلا الرفع. يريد سيبويه أن قراءة النصب جاء الاسم فيها مبنيا على الفعل غير معتمد على ما تقدم ، فكان النصب قويا بالنسبة الى الرفع ، حيث يعتمد الاسم على المحذوف المتقدم ، فإنه قد بين أن ذلك يخرجه من الباب الذي يختار فيه النصب ، فكيف يفهم عنه ترجيحه عليه؟ والباب مع القراءتين مختلف ، وإنما