الصورة فيها ، فترى المرآة والأشكال المنطبقة فيها في وقت واحد معا.
وقد أخطا التبريزي حين شرح البيت وقد قال : يجوز أنه أراد قمرا وقمرا ، لأنه لا يجتمع قمران حقيقيان في ليلة ، كما لا تجتمع الشمس والقمر. وقد تشبث أحد الشعراء بأهداب المتنبي فنظم بيتين أشبه ما يكونان بالشعوذة والألاعيب وهما :
رأت قمر السماء فذكرتني |
|
ليالي وصلها بالرقمتين |
كلانا ناظر قمرا ولكن |
|
رأيت بعينها ورأت بعيني |
وأحسن ما يمكن أن يقال فيهما : إن معنى قمرين : قمر حقيقي وهو قمر السماء ، وقمر مجازي وهو وجه المحبوبة ، فهو يقول : هي رأت القمر المجازي وهو قمر السماء ، وأنا رايت وجهها وهو القمر الحقيقي ، لأنها هي نظرت الى قمر السماء وهو نظر الى وجهها ، فصحّ أنه رأى بعينها وهي رأت بعينه. وهذه مبالغة وإفراط في الوصف ، ولكن الشعراء درجوا على أن يجعلوا المحبوب هو القمر الحقيقي ، والذي في السماء هو القمر المجازي. وقال آخرون في شرحهما :يتسير هذا الشاعر الى أن قمر السماء من عشاق محبوبته ، وأن محبوبته رأته ذات ليلة فكسته برؤيتها له نور جمالها ومحاسن صفاتها ، وألقت عليه شبهها ، وأعارته اسمها. فأذكرت هذا العاشق بتلك الليالي التي وصلت بالرقمتين وأنها بوصالها له أفنته وغلبت عليه بصفاتها ، حتى صارت معه كالقمر الواحد ، وكلاهما ينظره. ولهذا قال كلانا ناظر قمرا أي : قمر واحد تعدّد مظهره ، ولكنها تنظره بعينه ، وهي عين المحبة ، لأن المحب صار محبوبا وهو ينظر بعينها ، لأنها أعارته عينا رآها بها ، فكأن المبصر لها نفسها. والكلام في الاتساع طويل نجتزىء منه هنا بما تقدم.