بيت لأبي تمام :
وعلى هذا ورد قول أبي تمّام :
بالشعر طول إذا اصطكّت قصائده |
|
في معشر وبه عن معشر قصر |
فهذا البيت يحتمل تأويلين متضادين : أحدهما أن الشعر يتسع مجاله بمدحك ، ويضيق بمدح غيرك. يريد بذلك أن مآثره كثيرة ، ومآثر غيره قليلة. والآخر : أن الشعر يكون ذا فخر ونباهة بمدحك ، وذا خسول وتبليد بمدح غيرك. فلفظة الطول يفهم منها ضدّ القصر ، ويفهم منها الفخر ، من قولنا : طال فلان على فلان أي فخر عليه.
بيت أبي كبير الهذليّ :
ومما ينتظم بهذا السلك قول أبي كبير الهذلي :
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها |
|
فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر |
وهذا يحتمل وجهين من التأويل : أحدهما أنه أراد بسعي الدهر سرعة تقضّي الأوقات مدة الوصال ، فلما انقضى الوصل عاد الدهر الى حالته في السكون والبطء ، والآخر أنه أراد بسعي الدهر سعي أهل الدهر بالنمائم والوشايات ، فلما انقضى ما كان بينهما من الوصل سكنوا وتركوا السعاية. وهذا من باب وضع المضاف اليه مكان المضاف ، كقوله تعالى : «واسأل القرية» أي : أهل القرية.