وهذا من توجيه الكلام على نمط حسن ، وهو يصلح أن يكون جوابا لخالد عما سأل ، وهو يصلح أن يكون جوابا لغيره مما ذكره عبد المسيح بن بقيلة.
توجيه طريف لافلاطون :
ومما يجري على هذا النهج ما يحكى عن أفلاطون أنه قال : «ترك الدواء دواء» ، فذهب بعض الأطباء أنه أراد : إن لطف المزاج وانتهى الى غاية لا يحتمل الدواء فتركه حينئذ والاضراب عنه دواء.
وذهب آخرون أنه أراد بالترك الوضع ، أي وضع الدواء على الداء دواء. يشير بذلك الى حذق الطبيب في أوقات علاجه.
التوجيه المضاد في الشعر :
فاذا عدنا الى الشعر وأينا الفرزدق ينحو في شعره هذا النحو من التوجيه فيقول :
إذا جعفر مرّت على هضبة الحمى |
|
فقد أخزت الاحياء منها قبورها |
وهذا ـ كما ترى ـ يدل على معنيين متضادين : أحدهما ذمّ الاحياء ، والآخر ذم الأموات. أما ذم الاحياء فهو أنهم خذلوا الأموات ، يريد أنهم تلاقوا في قتالهم وقوما آخرين ففرّ الاحياء عنهم وأسلموهم ، أو أنهم استنجدوهم فلم ينجدوهم. وأما ذم الأموات فهو أن لهم مخازي وفضائح توجب عارا وشنارا ، فهم يعيرون بها الاحياء ويلصقونها بهم.