وأحرّ قلباه ممن قلبه شبم |
|
ومن بجسمي وحالي عنده سقم |
وهو ـ كما تعلم ـ كوفي ، والكوفيون يجيزون ذلك ، والواقع أن علماء النحو اضطربوا كثيرا في هذه المسألة ، ووفقوا حائرين أمام قول عروة في حبيبته عفراء :
يا مرحباه بحمار عفرا |
|
ويا مرحباه بحمار ناجيه |
وقد دافع أبو البقاء العكبري عن أبي الطيب المتنبي في شرحه لديوانه في بحث شيق حبذا لو رجعت اليه.
٣ ـ الاستفهام في هذه الآية خرج عن معناه الأصلي ، فالأول «ألم تر» معناه التعجب ، أي : أعجب يا محمد من هذه القصة ، والاستفهام الثاني للاستعظام ، وهو «أنى يحيي هذه الله بعد موتها».
لمحة تاريخية لا بدّ منها :
كان عزيز بن شرخيا من سكان بيت المقدس ، وقد كان في جملة من سباهم بختنصّر ، فلما خلص من السبي وجاء ورآها على تلك الحالة ، وكان راكبا على حمار ، دخلها وطاف فيها ، فلم ير أحدا فيها.
وكان أغلب أشجارها حاملا ، فأكل من الفاكهة ، واعتصر من العنب ، ثم ربط حماره بحبل ، وجعل فضل الفاكهة في سلة ، وفضل العصير في زق أو ركوة ، ثم ألقى الله عليه النوم فنام ، ولما نام نزع الله منه الروح ، وأمات حماره ، وبقي عصيره وتينه عنده ، فلما مضى من وقت موته سبعون سنة سلط الله ملكا من ملوك فارس ، فسار بجنوده حتى أتى بيت المقدس فعمره ، وصار أحسن مما كان ، وعاد أهلها إليها