غيره ممّن لم يلتزم بذلك.
وبهذا الكلام الأخير يشير إلى ما عليه الخلفاء قبل أمير المؤمنين عليهالسلام فإنّهم كانوا يعملون بغير ما عمل به أمير المؤمنين. فكان عمر ـ على حدّ تعبير ابن أبي الحديد ـ يعامل اُمراءه وأعداءه بالكيد والخدعة ، ويؤدّب بالدرّة والسوط من يتغلّب على ظنّه انّه يستوجب ذلك ، ويصفَح عن آخرين قد اجترحوا ما يستحقون من التأديب.
ثم دافع ابن أبي الحديد عن ذلك بأنّهم مجتهدون ويعملون بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة (٢٨). وهو عجيب منه ؛ إذ كيف يصح الاجتهاد قبال الشريعة المقدّسة ، فهل يصح في الاجتهاد أن يرى ما يعلم انّه مخالف للشريعة. فلو انفتح هذا الباب لانفتح باب الظلم على مصراعيه في جميع شؤون الحياة.
ونحن إذا لاحظنا سياسة الإمام الحسن عليهالسلام وسياسة معاوية وقارنّا بينهما لوجدنا اختلاف السياستين كما هو واضح.
فإنّ سياسة الإمام الحسن عليهالسلام هي السياسة المهدية ، وهي سياسة الأنبياء والأوصياء التي يكون المناط فيها رضى الله تعالى ، ووضع الاُمور في مواضعها ولا يمكن أن يعمل عملاً غير موافق للشريعة لمكان العصمة فيهم.
وأمّا سياسة معاوية فهي من أوضح مصاديق السياسة النكراء ، فإنّ السياسة التي هي الغدر والمكر ليست سياسة مهدية.
لذا قال أمير المؤمنين عليهالسلام : والله ما معاوية بأدهى منّا ولكنّه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس (٢٩) ، وسيأتي بعض نتائج هذه السياسة.
العسكري المحنّك :
للعسكري المحنّك معنيان :