الاستاذ يقين البصري
قصيدة يقين البصري تعجن إمكاناتها عجناً فنّياً من جهة وأخلاقياً من جهة اُخرى لتقترب من آفاق القصيدة ـ النموذج ـ بصيغة المحاكاة الساعية إلى المضاهاة ، فهي ترتدي المتاح لها في زمانها وتمدّ يدها إلى مشجب الآتي ، محاولة سحب حلّة لم تلبس بعد لتتوشّح بها ، وبين هذه التجسّدات يمتد نتاج البوتقة السحرية ليبلّلنا رذاذه المتصاعد.
لو تأمّلنا المقطوعة الافتتاحية لرأينا بصمات النموذج واضحة المعالم ، بارزة التأثّر على مستوى البناء الفنّي وعلى مستوى المضمون الأخلاقي أيضاً ، فأن إلحاق ضمير الغائبة إلى روي القصيدة ما هو إلّا محاولة للتقرّب غير المتوجّس لفتح حساب يسحب أرصدة مجمّدة قد كانت عملة من عملات ذلك الزمان لا تصرف في غيره ، مع كثرة ما في مصارف التراث من مجوهرات ثمينة تباع في كلّ زمان ومكان ، فهي مفتوحة للتداول والتلقّي بمساحاته العريضة ذوقاً وتحسّساً واستجابة.
وهذه الخطوة هي ابتداء التحرّك إلى اُفق النموذج فهي الواجهة الأمامية أو السياج الخارجي للمقطوعة ، وإذا أضفنا النظم على بحر الطويل المقبوض إلى ذلك ، وهو بحر الفروسية والفرسان تأكّد لدينا أنّ هناك قصدية تحاول الانتخاب والاختيار والالتقاء.
فالنفس الأخلاقي لدى
يقين البصري يلبسُ حلّة الفرسان المفتخرين بسلوكياتهم ، وهذا المنحى يكاد يتكرّر في قصائد البصري على الرغم من اختلاف المواضيع التي يعالجها شعرياً ، وإمعاناً في تأصيله لهذا المنحى نرى الفروسية عنده مستمدّة من النائي البعيد في أغوار الشخصية العربية الباحثة عن مكارم الأخلاق عرفاً ولو على مستوى الجو العام الذي يغلّف القصيدة ، فهي