و «ذا» الإشارية ، ولا بدّ لها من مخصوص بالمدح يعرب مبتدأ خبره جملة «حبّذا» ، نحو : «حبّذا زيد طالبا». («حبّ» فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. «ذا» اسم إشارة مبنيّ على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «حبّذا» في محل رفع خبر مقدّم للمبتدأ «زيد». «زيد» : مبتدأ مرفوع بالضمّة لفظا (١).
«طالبا» : تمييز منصوب بالفتحة) (٢) ، وتلازم «ذا» في «حبّذا» الإفراد والتذكير في جميع أحوالها ، وإن يكن المخصوص مثنّى أو جمعا ، مذكّرا أو مؤنّثا ، نحو : «حبّذا الطالبان المجتهدان» و «حبّذا الطالبات المجتهدات» ... إلخ. وقد تتحوّل «حبّذا» إلى الذمّ ، إذا سبقتها «لا» النافية ، نحو : «لا حبّذا الكذب».
حتّى :
تأتي بأربعة أوجه : ١ ـ جارّة ، ٢ ـ عاطفة ، ٣ ـ ابتدائية ، ٤ ـ ناصبة.
حتى الجارّة : تجرّ الاسم الظاهر دون الضمير ، نحو : «قرأت الدرس حتّى آخر كلمة فيه» (٣). («حتّى : حرف جرّ مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب ، متعلّق بالفعل «قرأت»). وتجرّ المصدر المؤوّل من «أن» المضمرة وجوبا بعدها والفعل المضارع المنصوب ، ومن معانيها :
ـ انتهاء الغاية ، نحو : «سأدرس حتّى يحلّ الظلام» («يحلّ» : فعل مضارع منصوب ، بـ «أن» مضمرة وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. والمصدر المؤوّل من «أن» والفعل «يحلّ» في محل جرّ بحرف الجرّ ، والتقدير : سأدرس حتّى حلول الظلام).
ـ التعليل (أي انّ ما قبلها سبب وعلّة لما بعدها ، نحو : «شربت الدواء حتّى أصحّ»).
والإعراب هنا كالحالة السابقة. والجدير بالملاحظة هنا أنّ ما بعد «حتى» غاية ، فإذا قلت : «قرأت الكتاب حتى الصفحة العشرين» تكون الصفحة العشرون مقروءة (٤) ، وذلك بخلاف «إلى» ، فإن ما
__________________
(١) ويجوز اعتباره خبرا لمبتدأ محذوف ، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره : الممدوح.
(٢) لا يتقدّم على «حبّذا» المخصوص بالمدح ، ولا التمييز ، فلا يقال : «زيد حبّذا مجتهدا» ولا «مجتهدا حبّذا زيد». ولكن يجوز تقديم التمييز على المخصوص بالمدح ، نحو قول الشاعر :
ألا حبّذا قوما سليم فإنّهم |
وفوا وتواصوا بالإعانة والصّبر |
(٣) وتسمّى هنا «حتّى» الغائيّة ، ويكون ما بعدها داخلا في حكم ما قبلها ، فمن هذا المثال ، نعرف أنّ آخر كلمة في الدرس قد قرأتها.
(٤) هدا عند جمهور النحاة ، ومنهم من يرى أنّ ما بعدها قد يدخل في حكم ما قبلها وقد لا يدخل ، ـ ـ والقرائن وحدها هي التي تحدّد ذلك. ومذهب هؤلاء هو الأصح.