أمّا الاختلاف من حيث الحقيقة ، فالأمر بعث إنشائي والنهي زجر كذلك.
وأمّا من حيث المبادئ فمبدأ الأمر هو التصديق بالمصلحة والاشتياق إليها ، ومبدأ النهي هو التصديق بالمفسدة والانزجار عنها.
وأمّا من حيث الآثار فإنّ الإتيان بمتعلّق الأمر إطاعة توجب المثوبة ، والإتيان بمتعلّق النهي معصية توجب العقوبة.
ظهور الصيغة في التحريم
قد علمت أنّ هيئة لا تفعل موضوعة للزجر ، كما أنّ هيئة افعل موضوعة للبعث،وأمّا الوجوب والحرمة فليسا من مداليل الألفاظ وإنّما ينتزعان من مبادئ الأمر والنهي فلو كان البعث ناشئا من إرادة شديدة أو كان الزجر صادرا عن كراهة كذلك ينتزع منهما الوجوب أو الحرمة وأمّا إذا كانا ناشئين من إرادة ضعيفة أو كراهة كذلك ، فينتزع منهما الندب والكراهة.
ومع انّ الوجوب والحرمة ليسا من المداليل اللفظية إلاّ انّ الأمر أو النهي إذا لم يقترنا بما يدلّ على ضعف الإرادة أو الكراهة ينتزع منهما الوجوب والحرمة بحكم العقل على أنّ بعث المولى أو زجره لا يترك بلا امتثال ، واحتمال أنّهما ناشئان من إرادة أو كراهة ضعيفة لا يعتمد عليه ما لم يدلّ عليه دليل.
وبعبارة أخرى : العقل يلزم بتحصيل المؤمّن في دائرة المولوية والعبودية ولا يتحقق إلاّ بالإتيان بالفعل في الأمر وتركه في النهي.
النهي والدلالة على المرّة والتكرار
إنّ النهي كالأمر لا يدلّ على المرة ولا التكرار ، لأنّ المادة وضعت للطبيعة الصرفة ، والهيئة وضعت للزجر ، فأين الدال على المرة والتكرار؟!