في مادة النهي وصيغته
النهي هو الزجر عن الشيء ، قال سبحانه : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى) (العلق / ٩ ـ ١٠).
ويعتبر فيه العلو والاستعلاء. ويتبادر من مادة النهي ، الحرمة بمعنى لزوم الامتثال على وفق النهي. والدليل عليه قوله سبحانه : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) (النساء/٦١). وقوله سبحانه : (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (الأعراف / ١٦٦). وقوله سبحانه : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر / ٧) وقد مرّ نظير هذه المباحث في مادة الأمر فلا نطيل.
وأمّا صيغة النهي فالمشهور بين الأصوليين أنّها كالأمر في الدلالة على الطلب غير أنّ متعلّق الطلب في أحدهما هو الوجود ، أعني : نفس الفعل ؛ وفي الآخر العدم ، أعني : ترك الفعل.
ولكن الحق أنّ الهيئة في الأوامر وضعت للبعث إلى الفعل ، وفي النواهي وضعت للزجر، وهما إمّا بالجوارح كالإشارة بالرأس واليد أو باللفظ والكتابة.
وعلى ضوء ذلك فالأمر والنهي متّحدان من حيث المتعلّق حيث إنّ كلاّ منهما يتعلّق بالطبيعة من حيث هي هي ، مختلفان من حيث الحقيقة والمبادئ والآثار.