الاحتمال الثاني ، ولكن يدعى هنا ان الاستعمال المذكور حقيقي وليس بمجازي ، بدعوى انّ المورد من موارد السبب والمسبب التوليدي ، واستعمال لفظ المسبب التوليدي في السبب التوليدي استعمال عرفي حقيقي وليس مجازيا ، يقال : فلان أحرق الورقة. والحال أنّه ألقاها ، أو : فلان قتل فلانا. والحال أنّه أطلق عليه الرصاص (١).
وهذا التقريب ذكره الشيخ النائيني.
مناقشة الرأي الثالث
هذا ما يمكن به تقريب الرأي المذكور.
وهو وإن كان في نفسه وجيها إلاّ ان تقريباته الثلاثة قابلة للتأمل.
اما الأول فلأنّه بحاجة إلى تقدير ، والدليل عليه مفقود ، مضافا إلى ان الحكم لا يوصف بالضرر وإنّما هو ضرري.
وامّا الثاني فلأن استعمال الضرر وارادة الحكم ليس عرفيا ولو بنحو المجاز.
وعلى تقدير التنزّل وصحة الاستعمال المذكور فالذي يصحّ هو
__________________
(١) المقصود من السبب والمسبب التوليدي العلة التامّة ومعلولها ، فان العلة التامّة متى ما تحققت سبّبت وولدت المعلول ، فالعلّة تسمّى بالسبب التوليدي ، والمعلول يسمّى بالمسبّب التوليدي.
ومثال ذلك النار والاحراق ، فالنار سبب توليدي والاحراق مسبب توليدي.
وفي مقابل هذا المصطلح الفعل المباشري ، وهو الفعل الذي يصدر من الفاعل باختياره ، فالانسان يشعل النار ويحصل بذلك الاحراق ؛ ان اشعال النار فعل يصدر منه بارادته واختياره ، ويسمى بالفعل المباشري ، واما الاحراق فيصدر منه بدون اختياره ، اذ اشتعال النار علّة تامة للإحراق بدون مدخلية للاختيار. ويسمى الاشعال بالسبب التوليدي والاحراق بالمسبب التوليدي.