النكرة فيصير مثل قولك : (جاء زيد وزيد آخر) وهو قليل ، لأنه كثير في كلامهم ، فلو لم يثنوه ويجمعوه لأدى إلى مثل ما كرهوا في (جاء رجل ورجل آخر) ، مع كونه أقل من العلم ، فإذا ثنوا النكرة مع قلتها كراهة النكرات فبالأولى العلم لكثرة استعماله ، وعوضوا عن زوال العلمية الألف واللام ، فجعل في تثنية الاختصار والتعريف وعدم إخراجه عن معناه الأصلي وهو العلمية ، ولو قيل : (جاء زيد وزيد آخرا) ، قال ابن يعيش : وإذا لم يعرّف المثنى والمجموع جاز وصفه بالنكرة تقول : جاءني زيدان كريمان (١).
قوله : (والمقصور إن كانت ألفه عن واو) (٢) الأسماء على ضربين منها مالا يثنى بحال ، ومنها ما يثنى بحال دون حال.
أما الذي لا يثنى بحال ، فمنها ألفاظ العموم ، كأحد وعريب لأن تثنيتها تخرجها عن التعريف ، والبناء كالمضمرات عنه ، ومنها ما وضع للإفراد والتثنية والجمع بلفظ واحد كأفعل من ، ومنها المبنيات ، لأن [ظ ١٠٠] تثنيتها تخرجها عن التعريف والبناء كالمضمرات ، وأسماء الإشارة وهي ملازمة لهما أو عن البناء كحذام ، ومنها المركبات كلها ، لأنه إن ثني الأول فهو كجزء الكلمة ، وكذلك الثاني ، ولتغير المعنى بالتثنية ، لو قلت (برق نجران) ، وقد أجاز الكوفيون (٣) ، تثنية تركيب المزج ، فيقولون حضرموتان بلحوق العلامة في آخره ، وبعض النحاة أجاز أيضا تثنية تركيب
__________________
(١) ينظر شرح المفصل لابن يعيش ٤ / ١٥٥.
(٢) قال الرضي في شرحه ٢ / ١٧٤ : (يعني بالمقصود ما آخره ألف لازمة ، وسمي مقصورا لأنه ضد المدود أو لأنه محبوس من الحركات والقصر الحبس) مثل (عصى) عند التثنية تصبح (عصوان). وينظر شرح المصنف ٨٩.
(٣) ينظر شرح الرضي ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥.