مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ)(١) ومن التأنيث (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ)(٢)(جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ)(٣) قال صاحب البرود : والذي أقوله : إن التذكير والتأنيث سيان في الحسن ، لكثرة ورود التأنيث ، والمثنى في جميع ذلك كالمفرد ، لسلامة لفظ المفرد فيه ، فهذا الكلام في المثنى والمفرد الظاهرين ، وأما ضميرهما فليس فيه إلا التاء ، تقول (هند قامت) و (الهندان قامتا) و (الشمس طلعت) و (العينان فاضتا) ولا فرق بين الحقيقي وغيره وقد شذ :
[٥١٦] فلا مزنة ودقت ودقها |
|
ولا أرض أبقل إيقالها (٤) |
وتؤول بأنه أراد بالأرض المكان.
قوله : (وأنت في ظاهر غير الحقيقي بالخيار) يعني أنت فيما ليس بإزائه ذكر في الحيوان إذا أسندته إلى ظاهره ، جاز التذكير والتأنيث بخلاف ما أسندت إلى مضمره ، فإن حكمه حكم الحقيقي في لزم التاء ، ووجه إلحاقها بالأبدان من أول الأمر ، بأنه مؤنث ، فإن كان حقيقيا لزم في ظاهره
__________________
(١) البقرة ٢ / ٢٧٥.
(٢) البقرة ٢ / ٥٥ وتمامها : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ.)
(٣) البقرة ٢ / ٢٠٩ وتماها : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.)
(٤) البيت من المتقارب ، وهو لعامر بن جوين في الكتاب ٢ / ٤٦ ، وينظر شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٥٧ ، والخصائص ٢ / ٤١١ ، وشرح المفصل ٥ / ٩٤ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٥٢ ، وشرح الرضي ٢ / ١٧٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ١٠٨ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٤٨٠ ، ومغني اللبيب ٨٦٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٤٣ ، والبحر ٨ / ٢٠٨ ، واللسان مادة (أرض) ١ / ٦١ و (بقل) ١ / ٣٢٨ ، وهمع الهوامع ٦ / ٦٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥ ـ ٤٩ ـ ٥٠.
والشاهد فيه قوله : (ولا أرض أبقلت إبقالها) حيث حذف تاء التأنيث من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث المجازي وهو (أبقل) والقياس أن يقول : (أبقلت إبقالها) فحذفت التاء ضرورة وليس على سبيل الشذوذ كما ذكر الشارح.