شريكاك في الأمر. قال علي : «لا ، ولكنكما شريكان في القول ، والعون على العجز والأولاد».
وكان الزبير لا يشك في ولاية العراق وطلحة في ولاية اليمن ، فلما استبان لهما أن علياً ليس مولّيهما شيئاً أظهرا الشكاة ، وتكلّما بما تكلّما ، فانتهىٰ قولهما إلىٰ علي فدعا عبد الله بن عباس ، فقال له : «بلغك قول هذين الرجلين؟» قال : نعم بلغني. قال : «فما ترىٰ؟» قال : أرىٰ أنّهما أحبّا الولاية ، فولّ البصرة الزبير وولِّ طلحة الكوفة؛ فإنّهما ليسا بأقرب إليك من الوليد ، وابن عامر من عثمان.
فضحك علي وقال : «ويحك ، إن العراقين بهما الرجال والأموال ، ومتىٰ تملَّكا رقاب الناس يستميلا السفيه بالطمع و [يضربا الضعيف] (١) بالبلاء ، ويقويا على القويّ بالسلطان ، ولو كنت مستعملاً أحداً لضرّه ونفعه لاستعملت معاوية على الشام. ولو لا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي» (٢).
ومن الواضح أن ابن عباس كان من الناصحين لعلي أمير المؤمنين عليه السلام؛ لأن في توليهما البصرة والكوفة ما يكفيه شرَّهما؛ ولذا لما قطعا الأمل من الولاية توجَّها نحو البصرة ، وأظهرا الخلاف ونكثا البيعة ، وتبعهما خلق كثير. إلّا إن ما رآه أمير المؤمنين لعلّه من باب ارتكاب أهون الضررين؛ إذ (٣) استعمال معاوية والياً [يستلزم]
__________________
(١) في المطبوع : (ويضرا بالضعيف).
(٢) الإمامة والسياسة ٧٠ ـ ٧١.
(٣) في المطبوع بعدها : (في).