رؤوس رجال من المسلمين من أهل الحقّ واليقين ، الّذين لم تأخذهم في الله لومة لائم ، بل قابلوا سورة أهل النفاق وكسروا راية الضلال.
وكان منهم في صفّين مع علي عليه السلام ما ينوف على الثمانين ، من بدريٍّ وعقبيٍّ؛ كعمار بن ياسر ، والمقداد ، وخزيمة ذي الشهادتين ، وأبي أيوب الأنصاري ، وأمثالهم. وذلك بعد انقضاء زمن الخلفاء الراشدين وفي حال سير معاوية بسيرة الجبّارين ، بطور المخادعة والمداهنة في الأقوال والأفعال. وقد كان عالماً بنفوس الأفراد ، عالماً بنفوس الجماعات وبأخلاقهم وطبائعهم ، رجلاً ماهراً نطاسيّاً في فنون المخادعات والمخاتلات ، بطور دقيق في المكر والحيلة؛ وبذلك استطاع البيعة لابنه يزيد ، وتم له استلحاق زياد. ومن علمه حيلة رفع المصاحف.
وأطوار أمير المؤمنين واُموره جارية على الضدّ؛ فهو عامل بميزان القسط ، وقانون العدل ، وناموس النصَف ، والزهد والورع ، وخشونه المطعم. وعدم المخادعة والمخاتلة ، وعدم المداهنة في شيء من أقواله وأفعاله. شديد الاحتياط ، لا يقرِّب أحداً من حيث نفعه وضرّه ، مع احتمال الارتباك في الشريعة الإسلامية.
ذكر ابن قتيبة أن الزبير وطلحة أتيا علياً بعد فراغ البيعة ، فقالا : هل تدري علىٰ ما بايعناك؟ فقال علي : «نعم ، على السمع والطاعة ، وعلىٰ ما بايعتم عليه أبا بكر وعمر وعثمان». فقالا : لا ، ولكنّا بايعناك على أنا