المحذور المتقدّم ذكره؛ وهو أعظم من محذور عدم استعماله. مضافاً إلى أنه يرى استعمال رجل دنيويّ محض لا علاقة بينه وبين الدين من أكبر الضرر على الإسلام. ولا زال ينادي : «أتأمرونني أنْ أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من الإسلام؟ فوالله لا أفعل ذلك ما لاح في السماء نجمٌ» (١). وطلحة والزبير كذلك.
ولا أتخيل أن مفكراً يتوهم أن معاوية أدهىٰ من أمير المؤمنين عليه السلام ، وانّما ذاك مطلق والأمير عليه السلام مقيد. ولسنا بصدد بيان ما يعتري معاوية من الأغلاط النفسيّة ، كيف وخروجه علىٰ إمام زمانه أكبر غلطة نفسية؟
ومعلوم أن إقرار العمال على أعمالهم ربما يحصل منه تدبير إداري ، لكن ذلك إذا لم يكن في الإقرار محذور آخر. أترىٰ أن معاوية يعرف شيئاً لا يعلمه أمير المؤمنين؟ كلا.
نعم ، إنّه يعمل شيئاً لا يعمله أمير المؤمنين عليه السلام. ولما رفعت المصاحف برأي ابن العاص ، وقال أهل العراق : قد أعطاك معاوية الحقَّ ، دعاك إلى كتاب الله؛ فاقبل منه ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : «ويحكم ما رفعوها لأنّكم تعلمونها ولا يعلمون بها وما رفعوها لكم
__________________
(١) نهج البلاغة : ٢٤٠ ، من كلام له عليه السلام/ ١٢٦ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٣٢/ ٣٢. وفيهما : «أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه. والله لا أطور به ما سمَر سميرٌ ، وما أمَّ نجمٌ في السماء نجماً».