الشعبي ومساعي بين اُميّة
ويكفيك قول الشعبي لابنه : (ما بنى الدينُ شيئاً إلّا وهدمته الدنيا وما بنت الدنيا شيئاً إلّا وهدمه الدين ، اُنظر إلىٰ علي وأولاده ، فإنّ بني اُميّة لم يزالوا يجتهدون في كتم فضائلهم وإخفاء أمرهم ، وكأنّما يأخذون بضبعهم إلى السماء. وما زالوا يبذلون مساعيهم في نشر فضائل أسلافهم وكأنّما ينشرون منهم جيفة).
وهذا الشعبي هو القائل : (ما لقينا من علي؛ إنْ أحببناه قُتلنا ، وإنْ أبغضناه هلكنا؟)
فمساعي بني اُميّة في إعزاز شأنهم وتكالبهم على الدنيا وتظاهر بالملاهي ، وتجافي آل الرسول صلى الله عليه واله عن الدنيا ونعيمها ، واتّصافهم بالعلم والورع والزهد [اقتضت] (١) شيوع مذهب التشيع وإنْ كان حبّ الدنيا متمركزاً في قلوب عامّة الخلق وأهوائهم ، لكنّ للدين وأهله المقام الأعلىٰ. فقد تمركز حبّ آل الرسول صلى الله عليه واله في قلوب الشيعة تمركزاً و [في] أفعالهم في ركوب الأخطار؛ فيودّ كلّ فرد أنْ يضحّي بنفسه وأنفس ما لديه في سبيل نجاتهم وإعزازهم ، لا طمعاً ولا خوفاً ، بل قادهم رائد تديّنهم بعقيدة صادقة وإيمان خالص ، ورغبة وافرة في تعلّم أحكام الدين.
هذا في وقت قوة بني اُميّة وسطوتهم ، وسيوفهم مشهورة علىٰ
__________________
(١) في المطبوع : (اقتضىٰ ذلك).