أنْ يحفظوها فقالوا
بالرأي ، فضلّوا وأضلّوا كثيراً). قد نطق بالحقّ وقال الصواب.
توجيه تحريم الخليفة
عمر للمتعة
فاتَّضح أن هذا التصحيح غير لائق لمثل
أبي حفص؛ لأنه أجلِّ مقاماً وأسمىٰ من أنْ يحرِّم ما أحلَّ الله ، أو يدخل
في الدين ما ليس منه؛ وهو يعلم ان حلال محمَّد صلى الله عليه واله حلال إلىٰ
يوم القيامة ، وحرامه حرام إلىٰ يوم القيامة .
ومن هنا عدل جماعة اُخرىٰ عن
الجواب بذلك إلىٰ دعوىٰ النسخ ، وقد عرفت أنْ لا دليل على النسخ ، والأصل
عدمه. بل المرويّ في صحاحهم المشهورة بطرق وثيقة عدم النسخ. وما ورد في النسخ ساقط؛
لاضطرابه ولتناقضه ، ولكونه أخبار آحاد لا يعارض نصَّ القرآن. وقد تقدّم كل ذلك
بما لا مزيد عليه.
ولكنك الخبير بأن الخليفة عمر كان
شديداً في حراسة الدين ، حريصاً على الاحتياط في أحكام شريعة سيد المرسلين؛ فاجتهد
برأيه بباعث ذلك في قضيَّة شخصيَّة لمصلحة وقتيَّة. فنهىٰ عن ذلك أثناء
خلافته؛ لقضيَّة في واقعة استنكرها ، فقال : (لا يؤتىٰ برجل تمتَّع وهو محصن
إلّا رجمته ، ولا برجل تمتَّع وهو غير محصن إلّا جلدته) .
ولعله لقضيَّة عمرو بن حريث ، كما في
شرح (مسلم) بإكمال المعلم