الثاني. ويقال إن الحكومة احتفظت به ولم تقتله لئلا يتطير محمد علي باشا خديو مصر ، فلا يتقرب من الدولة.
وحذره الوزير علي رضا باشا أن يتحرك بحركة أثناء سفره لأنه أمر المحافظين بأنه إذا حصلت حركة إنقاذ أو هرب فلا يتأخر في قتله. ولذا منع من أي عمل طائش مثل هذا فإنه يضرّ به.
هذا ما شاع عن داود باشا. ورأيت في وثيقة تاريخية لم أتمكن من معرفة مؤلفها في تاريخ ولاة بغداد وسميتها (التارخ المجهول) في حوادث أيامهم. قال :
أما هذا الوزير ـ داود باشا ـ فقد انقضت أيامه عند خلاص الطاعون من بغداد ، وأما وقائعه فما تذكر لقبحها ، ولمزيد ظلمه ـ قبحه الله ـ وليس له مادة حسنة كي يعتني المؤرخون بذكرها ـ حتى لو أننا نذكر من تعديه على عباد الله لأفضى إلى كفره وإنكاره. وأسس أشياء من الظلم ما تخطر في قلب فرعون. وكان بخيلا جدا مع زيادة أمواله ، يغصب الناس أموالهم ظلما وعدوانا ، والحال سيّر إلى استنبول بأمر السلطان محمود ، سيره علي باشا مهانا كما ذهب الحمار بأم عمرو ...» اه (١).
هذا مؤيد بغيره. كان قاسيا إلا أن غالب أعماله مصروفة إلى المصلحة العامة. لا تزال أعماله الخيرية محل الانتفاع. وهل كانت خالصة لله تعالى؟ وعلى كل حال نقول : إنما الأعمال بالنيات كما هو منطوق الحديث الشريف.
__________________
(١) التاريخ المجهول. ولفظه عامي فلم أتصرف به.