البلد (عساكر نظام). وهذه الإرادة منافية لطباع العرب الساكنين بنواحي بغداد ، ويفرون منها فرار الجبان من الأسد» اه.
آراء الأهلين كانت بهذه المثابة. ملّوا الظلم ، ولا يريدون أن يخدموا في دولة لا علاقة لها بالشعب ولا يرغبون في تقوية ظلمها عليهم.
وجاء في التاريخ المذكور :
«في يوم الأربعاء ١٣ شوال الساعة ١١ طلع الوزير من بغداد إلى أطراف الحلة ليمهدها ، ويرتب قوانينها وفق الإدارة اللائقة أو على حسب إرادته ، ولم نعرف ما يحدث من مرامه ، وأخذ معه الكهية ، والشيخ بندر شيخ المنتفق المعزول ، ومحمد أمين أفندي كاتب العربية (١) ، وصالح اليهودي ابن دانيل والخلاصة قد أمر على أهل الحلة خمسين نفرا بطريق البدلية ، فضجروا من ذلك ، وأخذوا بالفرار من بلدهم ، ثم استغاثوا به ، فلم يغثهم حتى أنهم قد حرروا عرضا ، وجاء به مقدار مائة رجل فأكثر ، وصاحوا صيحة واحدة فأهالوه ، وأنكر منهم ذلك ، ومع هذا فإن سكنة الحلة ليس عندهم داركة أو معرفة ولا نباهة كنباهة أهل بغداد ، فإنه لما قرأ الفرمان على أهل بغداد ، فرؤساؤهم ووجوه أهل بغداد قد أتوا بأولادهم منقادين طوعا منهم وأدخلوهم في السراي حتى إن المفتي أتى بولده وأدخله النظام ، وكان إذ ذاك المفتي بذاك العصر محمد أفندي الزهاوي.
ومن بعد ذلك لما عاين الوزير امتثال أهل البلد (بغداد) وانقيادهم له ، كل من أدخل منهم ولده. وأتى ببدل عنه رضي بذلك ، وأخرجوا أولادهم. ولما عاين الوزير ضجر أهل الحلة وعدم انقيادهم له وشاهد
__________________
(١) هو محمد أمين العمري المعروف بـ (الكهية).