ومما يؤثر عنه أنه لم يكتف بإلغاء عشور المحاكم بل أبطل رسم القسام ، والساليانة (الصليان). ومحا كثيرا من البدع السيئة والمظالم القبيحة ... وعوض عنها بتخصيصات من الأموال الأميرية.
كان مشفقا على الرعية ، رؤوفا بالأهلين إلا أنه كان يتراخى في خدمات الدولة ويتساهل في شأنها أو يتناساها (١) ...
وكل أولئك المؤرخين يعتذرون له بحداثة السن وقلة الممارسة ، وأنه لا يزال غير مطلع على الرسوم والقواعد كما هي فأدى ذلك إلى ما أدى. والحال أن الوزراء السابقين أهلكوا البلاد والعباد لتأمين سطوتهم من جهة ، ولإرضاء الدولة من أخرى. وهذا الوزير أراد أن يرفع هذه المظالم ويقوم بإصلاح مهم. فلم يرض دولته وهي لا تريد إلا تمشية أمورها ولا يهمها الأهلون كما أن أرباب الوظائف اعتادوا النهب والسلب باسم (الجباية) ، فعادوه وحرم أعوانه الفائدة. فقضى في سبيل العراق وإرادة الخير له ما قضى. فهو من أكبر رجال الإصلاح. وأثره لا ينسى في تاريخ الضرائب وتاريخ القضاء.
ثم إنه قرب علماء بغداد وصالح آل الشاوي ولم يتصلب كأسلافه في البغض للعرب والكره للأكراد. وهكذا أبعد آل الجرباء لما تبين له من أوضاعهم آنئذ (٢).
ومن هذا كله يعرف أن من لازمه أو رماه بحداثة السن كان يماشي في ارضاء الدولة والمماليك معا ولكن أعماله تشهد بصفوته. وكل ما يقال فيه قليل. ومعاصروه لم ينكروا أعماله الجليلة. وإنما نسبوا له الخرق بلا وجه حق.
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ٢٥٠.
(٢) دوحة الوزراء ص ٢٥٠.