ولما رأى وضعه في خطر أرسل أهله وأمواله إلى حدود العجم وتحصّن هو ومن معه في القرنة وصارت تتلاحق جنوده إليها ... تأهب للحرب واستعد لها (١) ...
وقال الشهابي :
«ثم جاءت الأخبار إليه أن الجيش العثماني قد حل العرجة (٢) فاهتم للأمر وجمع الأعراب وشجع الجيوش والأحزاب العائدة له فساقهم إلى الرملة ومن بينهم يحيى أمير الحملة وحينئذ اشتبك القتال بين الفريقين وابتدأ برمي المدافع ولكن جيش يحيى قد انهزم ولم يطق الصبر على الحرب. فرّ قبل طلوع الشمس فاستولت الروم على المؤونة وكانت كثيرة جدا ولما عادوا وجدوا حسين باشا خارج الفتحية ومعه قوة جيش فعاد إلى القرنة وعلى هذا أرسل البريد إلى أهله أن يخرجوا فخرجوا جميعا وحاول الهزيمة. خاف أن يكون في قبضة عدوه. ولكنه رأى الرياح مخالفة ، وصادف المد في النهر أيضا ، جاءه أكبر أمرائه يخيّره بين اللقاء وضده وكذلك الجيش خيّره بذلك فلم يلتفت لقولهم ولم يعوّل على رأيهم. ولما رأوه بهذه الحالة قالوا له اترك العربان وما حوته واذهب لشأنك لصد غائلة الروم وفيها نحتمي من أذاهم. أتت إليه جموع كبيرة فلما أصبح عليه الصباح ورأى جموعه هذه زال عنه الوهم. فاستقر في القرنة بعد ما كاد يترك الحرب إلا أنه لم يعلم بنيّاته هذه سوى مشاركيه ومن كان يسر إليهم القول.
ثم جاءه أهل الجزائر فاعتز بهم أكثر. وهكذا استعد للقتال فجاء
__________________
(١) كلشن خلفا ص ٩٤ ـ ٢ وتاريخ السلحدار ج ١ ص ٣٩٩ إلا أن كلشن خلفا أوسع نوعا.
(٢) العرجاء. تقع شمالي الناصرية بنحو ثلاث كيلو مترات. وهي قرية على ضفة الفرات. مباحث عراقية ص ٣٩.