فخذوا منه ما تُطيقون ، فإنّ الله يحبّ مادامَ
من عملٍ صالحٍ وإن كان يسيراً »
.
وهذا أمير المؤمنين عليهالسلام يعنّف أحد أصحابه
حين كلّف نفسه مالا يأمر به الله ولا سُنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وهو يظنّ أنّه متعمّق في العبادة ! ذلك أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام
قد زار العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه... ، فقال له العلاء ، يا أمير المؤمنين ، أشكو اليك أخي عاصم بن زياد. قال عليهالسلام : «
وماله » ؟ قال : لبس العباءة وتخلى عن
الدنيا. قال عليهالسلام
: «
عليَّ به ». فلما جاء قال عليهالسلام
: «
يا عَدُي نَفسِهِ ! لقد استهامَ بِكَ الخبيثُ ! أما رحمت أهلك وولدَكَ ! أترى الله أحلَّ لكَ الطيَّباتِ ، وهو يكرهُ أن تأخذها ! أنت أهونُ على
الله من ذلكَ » !
قال : يا أمير المؤمنين ، هذا أنت في
خشونة ملبسك وجُشوبة مأكلك ! قال عليهالسلام
: «
ويحكَ ، إنِّي لستُ كأنتَ ، إنَّ اللهَ تعالى فرضَ على أئمة العدل (
الحق ) أن يُقَدِّروا أنفسهم بضعفةِ النَّاس ، كيلا يتبيغ بالفقير فقرُهُ »
.
التحذير من التعمّق في الدين يخص الجهلة
به والذين يغورون في بحره بجهلهم دون علم ودراية وتدبّر ، حتى يختنقوا بأوهامهم وتصوراتهم التي لا تقوم على اُسس موضوعية ، وعندها يخيّل إليهم أن الدين شاقّ في تكاليفه ، عسير في عباداته ، والحال هو العكس تماماً إلاّ أنهم أخذوا بالمستحبات مأخذ الواجبات ، فشقَّ عليهم الأمر وخرجوا بالنتيجة المغلوطة. أو أنّهم وسوسوا في الغسل والوضوء والطهارة والنجاسة وألفاظ الصلاة فملّوه. ولو أنّهم أخذوا بما يطيقون لوجدوه سهلاً يسيراً ،
__________________