إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الحسين في طريقه إلى الشهادة

الحسين في طريقه إلى الشهادة

الحسين في طريقه إلى الشهادة

تحمیل

الحسين في طريقه إلى الشهادة

91/260
*

ويُقال : زبالة أسهل منه ، فإذا جاوزت ذلك استقبلت الرمل ، فأوّل رمل تلقاه يُقال لها : الشيخة (١). قال الأعشى :

أَلا تَقنى حَياءَكَ أَو تَناهى

بُكاءَكَ مِثلَ ما يَبكي الوَليدُ

أَرَيتُ القَومَ نارِكَ لَم أُغَمِّض

بِواقِصَةٍ وَمَشرَبُنا زَرودُ

فَلَم أَرَ مِثلَ مَوقِدِها وَلَكِن

لأَيَّةِ نَظرَةٍ زَهَرَ الوَقودُ

وفي واقصة شاهد شقيق البلخي كرامة من الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) ، كما ذكرها صاحب مطالب السؤول (٢) ، قال : عن هشام بن حاتم الأصم ، قال لي أبي حاتم : قال شقيق البلخي : خرجت حاجّاً في سنة تسع وأربعين ومئة فنزلت القادسية ، فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم ، فنظرت إلى فتى حسن الوجه ، شديد السمرة ضعيف ، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة وفي رجليه نعلان ، وقد جلس منفرداً ، فقلت في نفسي : إنّ هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلاً على الناس في طريقهم ، والله لأمضينّ إليه ولأوبّخنّه. فدنوت منه ، فلمّا رأني مقبلاً قال : «يا شقيق ، اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظّنّ إِنّ بَعْضَ الظّنّ إِثْمٌ (٣)». قال : ثمّ تركني ومضى ، فقلت في نفسي : إنّ هذا لأمر عظيم ؛ قد تكلّم بما في نفسي ، ونطق باسمي ، ما هذا إلاّ عبد صالح ، لألحقنّه ولأسألنّه أن يعفو عنّي. فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عنّي ، فلمّا نزلنا واقصة إذا به يصلّي وأعضاؤه تضطرب ، ودموعه تجري. فقلت : هذا صاحبي أمضي إليه وأستحلّه. فصبرت حتّى جلس ، وأقبلت نحوه ، فلمّا رآني مقبلاً قال لي : «يا شقيق ، اتلُ : وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمّ اهْتَدَى (٤)». ثمّ تركني ومضى ، فقلت في نفسي : إنّ هذا الفتى لَمن الأبدال ؛ قد تكلّم بسرّي مرّتين. فلمّا نزلنا زبالة وإذا بالفتى

__________________

(١) انظر ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ـ ٨ / ٣٨٨.

(٢) انظر محمد بن طلحة الشافعي ـ مطالب السؤول ـ ص ٨٣ ، والتذكرة ـ سبط ابن الجوزي ص ١٩٦ ، والكتابان طبع إيران.

(٣) سورة الحجرات ص ١٢.

(٤) سورة طه ص ٨٢.