ونجوم الدجى ، غادرتهم جنودك بأمرك صرعى في صعيد واحد قتلى؟! أنسيت إنفاذ أعوانك إلى حرم الله لتقتل الحسين (عليه السّلام) ، فمازلت وراءه تخيفه حتّى أشخصته إلى العراق [فخرج خائفاً يترقب ، فنزلت به خيلك ؛ عداوة منك لله ولرسوله ولأهل بيته اللذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، (وذلك قوله :)] (*) (إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١). فنحن اُولئك لا آباؤك الجفاة الطغاة ، الكفرة الفجرة ، أكباد الإبل والحمير الأجلاف ، أعداء الله وأعداء رسوله الذين قاتلوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في كلّ موطن. وجدّك وأبوك هم الذين ظاهروا على الله وعلى رسوله ، ولكن إن سبقتني قبل أن آخذ منك ثاري في الدنيا فقد قُتل النبيّون قبلي ، وكفى بالله ناصراً (وَلَتَعْلَمُنّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (٢). ثمّ إنّك تطلب مودّتي وقد علمت لمّا بايعتك ما فعلت ذلك إلاّ وأنا أعلم أنّ ولدا أبي وعمّي أولى بهذا الأمر منك ومن أبيك ، ولكنكم معتدين مدّعين ، أخذتم ما ليس لكم بحق ، وتعدّيتم إلى مَنْ له الحق ، وإنّي على يقين من الله أن يعذّبكم كما عذّب قوم عاد وثمود ، وقم لوط وأصحاب مدين. يا يزيد ، وإنّ أعظم الشماتة حملك بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأطفاله وحرمه من العراق إلى الشام أسارى مجلوبين ، ترى الناس قدرتك علينا ، وإنّك قد قهرتنا واستوليت على آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وفي ظنّك أنّك أخذت بثأر أهلك الكفرة الفجرة يوم بدر ، وأظهرت الانتقام الذي كنت تخفيه ، والأضغان الذي تكمن في قلبك كمون النار في الزناد ، وجعلت أنت وأبوك دم عثمان وسيلة إلى إظهارها ، فالويل لكما من ديّان يوم الدين! ووالله لئن أصبحت آمناً من جراحة يدي فما أنت بآمن من جراحة لساني ، بفيك الكثكث (٣) وأنت المفند المثبور ، ولك الأثلب (٤) وأنت المذموم ، ولا يغرّنك أن ظفرت بنا اليوم ، فوالله لئن لم نظفر بك اليوم لتظفرنَّ غداً بين يدي الحاكم العدل ، الذي لا يجور
__________________
(١) سورة الأحزاب ص ٣٣.
(٢) سورة ص / ٨٨.
(٣) الكثكث : بكسر الكاف ، فتاة الحجارة والتراب.
(٤) الأثلب : التراب أيضاً.