يصيّفون بالجبال ، وينتقلون في الفصول إلى الصرود من الأرض والحرور. وقد كان أهل المروءات في الإسلام كأبي دلف القاسم بن علي العجلي وغيره يشتّون في الحرور ، وهو العراق. ويصيّفون في الصرود ، وهي الجبال ، وفي ذلك يقول أبو دلف :
وإنّي امرؤٌ كسروي الفعالِ |
|
أصيف الجبالَ وأشتو العراقا |
قال أبو القاسم الزجاجي : قال ابن الأعرابي : سمّي عراقاً ؛ لأنّه سفل عن نجد ، ودنا من البحر. والعراقان : الكوفة والبصرة. ذكر ابن حوقل (١) قال : وأمّا العراق ، فإنّه في الطول من حدّ تكريت إلى عبادان ، وعبادان مدينة على نحر بحر فارس ، وعرضه من القادسية على الكوفة وبغداد إلى حلوان ، وعرضه بنواحي واسط من سواد واسط إلى قرب الطيب. وبنواحي البصرة ، من البصرة إلى حدود جبى ، والذي يطيف بحدوده من تكريت فيما يلي المشرق حتّى يجوز بحدود سهرورد وشهرزور ، ثمّ يمرّ على حدود حلوان ، وحدود السيروان والصيمرة ، وحدود الطيب والسوس حتّى ينتهي إلى حدود جبى ، ثم البحر تقويس. ويرجع على حدود المغرب من وراء البصرة في البادية على سواد البصرة وبطائحها إلى واسط ، ثمّ على سواد الكوفة وبطائحها إلى الكوفة ، ثمّ على ظهر الفرات إلى الأنبار ، ثمّ من الأنبار إلى حدّ تكريت بين دجلة والفرات. وفي هذا الحدّ من البحر على الأنبار إلى تكريت تقويس أيضاً.
وجاء في مجلة المقتطف (٢) : والعراق أو ما بين النهرين من أخصب بلدان المسكونة تربة ؛ فإنّ الفرات ودجلة يحملان إليها بفيضانهما من الطمى (الأبليز) كلّ سنة أربعة أضعاف ما يحمله النيل إلى واديه. والمرجّح أنّ تلك البلاد بلغت أوج مجدها في عهد بني ساسان ؛ لأنّهم بنوا على ما خلّفته لهم العصور السالفة ، فإنّ الترع المعروفة باسم نهروان ، وعرضها ٤٠٠ قدم وعمقها ١٥ قدم ، كانت تروي كلّ البلاد شرقي دجلة. والترعة المسمّاة دجيل كانت تروي كلّ البلاد الغربية.
__________________
(١) انظر صورة الأرض ـ ابن حوقل ١ / ٣٣١ ، طبع ليدن.
(٢) المقتطف ـ المجلة ـ ٤٤ / ٣١٦. اقتطفته من مقال فليراجع.